الخيانة خلُق مذموم، لا يفعلها إلا من كان مريض القلب، والخائن ملعون، ولا يُسمح للمؤمن أنْ يكون خائنًا البتة، بل لا ينبغي للمؤمن المسلم أنْ يوالي الخائن أو يُساعده بأي شكل من الأشكال، وتحت أي ذريعة من الذرائع؛ قال تعالى: ” إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا ” النساء: 105، فالخيانة جرم عظيم ، ولا يسمح لأحد مهما كانت منزلته حتى لخَليل الله محمد صلى الله عليه وسلم أنْ يخاصم عن الخائنين؛ فإنهم فئة لا يحبهم الله جل جلاله ذلك أن نفوس الخائنين خبيثة.
والنفس الخائنة تخون في الأمور الصغيرة والكبيرة، ولهذا جاء في القرآن الكريم: ” وَإِنْ يُرِيدُوا خِيَانَتَكَ فَقَدْ خَانُوا اللَّهَ مِنْ قَبْلُ فَأَمْكَنَ مِنْهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ” الأنفال: 71، فشيمة الخائنين أنهم يغدرون بمن يَأتمنهم أو بمن يُبرم معهم العهود والمواثيق، ولكن غدَرات وفجرات الغادِرين لن تذهب من غير حساب، وسيكون لهم حساب شديد يوم القيامة، وقبل ذلك سيُفضحون على رؤوس الأشهاد؛ فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ” إنَّ الغادر يُنصَب له لواء يوم القيامة، فيقال: هذه غدرة فلان بن فلان” متفق عليه، فكيف مَن يغدر بعهد الله جل جلاله ورسوله صلى الله عليه وسلم. فمن أجل كل ذلك حذَّر الله جل جلاله المؤمنين من الخيانة تحذيرًا شديدًا، وبخطاب مُبين صريح، لما يتبعها من حسـرة وندامة؛ قال تعالى: ” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ” الأنفال: 27؛ لأنَّ من خان سقط من نظر الله ومن سقط من نظر الله دخل فيمن لا يحبهم الله جل جلاله .