السحور سنة مستحبة، لقوله عليه الصلاة والسلام: “إن السحور بركة أعطاكموها الله فلا تدعوها” رواه أحمد، “البركة في ثلاثة: في الجماعة، والثريد، والسحور” رواه الطبراني، “تسحروا فإن في السحور بركة” رواه البخاري. والأمر في قوله: “تسحروا” للتوجيه والإرشاد، ولأجل ذلك علله صلى الله عليه وسلم بالبركة التي هي كثرة الخير. وروي أنه صلى الله عليه وسلم ترك السحور لما كان يواصل، فدل على أنه ليس بفرض، والوصال أن يصوم يومين فأكثر فلا يفطر بل يصوم النهار مع الليل. والبركة أصلها الزيادة وكثرة الخير، وسبب البركة في السحور أنه يقوي الصائم وينشطه ويهون عليه الصيام، بالإضافة إلى ما فيه من الثواب، فالذي يتسحر يبارك له في عمله، فيوفق لأن يعمل أعمالاً صالحة في ذلك اليوم، بحيث إن الصيام لا يثقله عن أداء العبادات والأذكار وسائر الطاعات، وعن سائر شئونه الحياتية الخاصة، بخلاف ما إذا ترك السحور فإن الصيام يثقله عن النفع العام لشدة الجوع وانخفاض نسبة السكر بالدم، فضلا عن الضجر بسبب الجوع والعطش وربما الصداع.
ومن منافع السحور أيضا أن الصائم إذا تسحر لا يملُّ إعادة الصيام، بل يشتاق إليه، خلافاً لمن لا يتسحر؛ فإنه يجد حرجاً ومشقةً يُثْقِلان عليه العودة إليه. لذلك قال صلى الله عليه وسلم: “من أراد أن يَصُوم فَلْيَتَسَحَّرْ بشيءٍ” رواه أحمد. ومن بركات السحور حصولُ الصلاةِ من الله وملائكته على المتسحرين، فعن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “إن الله وملائكته يصلون على المتسحرين” رواه الطبراني، والصلاة عليهم أن يشملهم بعفوه ورحمته ومغفرته، وصلاة الملائكة الدعاء والاستغفار لهم.