مما أخبر النبي عليه الصلاة والسلام عنه من أشراط الساعة وعلاماتها: تقارب الزمان، وسرعة مرور الأيام، وقلة البركة في الأوقات والأعمار، روى أبو هُرَيْرَةَ رضي لله عنه فقال: قال النبي صلى الله عليه وسلم” لا تَقُومُ السَّاعَةُ حتى يُقْبَضَ الْعِلْمُ وَتَكْثُرَ الزَّلازِلُ وَيَتَقَارَبَ الزَّمَانُ…” رواه البخاري. وتقارب الزمان الذي أخبر النبي عليه الصلاة والسلام أنه من أشراط الساعة قد قيل في معناه: إنه تقارب ما بين المدن والأقاليم والدول، وسرعة الوصول إليها بما يسر الله تعالى للبشر من صنع السيارات والطائرات ونحوها، وقد كان الناس قبلها يَقْسمون أسفارهم على مراحل وأيام، ويمكثون في الأسفار البعيدة أشهرا وأعواما، وكانت القوافل تسير من الأندلس وإفريقيا وأقاصي آسيا إلى بيت الله الحرام للحج، فتمكث أعواما قبل بلوغ مكة، ولا تبلغها إلا وقد مات كثير من أفرادها في الطريق من مشقته ومخاطره، حتى إن كثيرا ممن يبلغون مكة لا يعودون إلى ديارهم وأهليهم مرة أخرى؛ لما من رأوا من الأهوال في رحلة وصولهم إليها، ومن كتبوا عن رحلاتهم إلى الحج ذكروا عجائب في ذلك. أما الآن فيتصل بهم، ويتصلون به متى أرادوا، فيسمعون صوته، ويعرفون أحواله، وإن شاءوا رأوه عيانا وهو يكلمهم، وما عاد للبريد والرسائل قيمة تذكر أمام هذا الفتح العظيم من وسائل الاتصال، حتى إن الأجهزة الحديثة تظهر صورة المتصل، وتدل على مكانه، وهذا أيضا من تقارب الزمن، فوقع على ما أخبر به النبي عليه الصلاة والسلام.
ومن معاني تقارب الزمان: سرعة الأيام والشهور والأعوام، فما تشرق شمس يوم إلا وتغرب، ولا يَهل شهر إلا ويدبر، ولا تبتدئ سنة إلا وتنقضي سريعا، وقد نزعت البركة من الأوقات والأرزاق والأعمار. لقد أدرك الناس أزمنة قريبة كانوا ينجزون في يومهم وليلتهم أعمالا كثيرة يعجزون اليوم عن إنجازها في أسبوع كامل، وكانت أرزاق الناس قليلة جدا ولكنها كانت تكفيهم، ويتصدقون منها ويدخرون، فلما اتسعت أرزاقهم، وتهيأت لهم سبل المواصلات والاتصالات، وتتابعت النعم عليهم نزعت البركة من أوقاتهم وأرزاقهم.