هل تحسن إلى الناس ؟

هل تحسن إلى الناس ؟

يبحث الإنسان في أقطار هذه الحياة عما يسعده فيها، ويريحه من عنائها وشقائها، ويسليه في أحزانها وغمومها، ويداويه أو يخفف عنه أوجاعها وأسقامها؛ ليجد بعدئذ اللذة والسرور. لكن بعض الناس قد يخطئ الطريق إلى هذه الغاية؛ فيذهب يبحث عنها في إشباع الشهوات الجسدية دون حدود، وتلبية الرغبات الشيطانية في انتهاك الحقوق، وما هذه الطريق إلا كحال الباحث عن إطفاء الحريق بصب البنزين عليه! لكن المهتدي إلى الحق يعلم أنه لن يجد شفاء لشجونه، وجالباً للذته وسروره إلا في القيام بطاعة ربه، والبعد عن معصيته. فمن موارد اللذة والسرور التي تملأ الصدر انشراحًا، والنفس ارتياحًا -مما دعا إليه ديننا الحنيف-: الإحسان إلى الناس، وبذل يد العون لهم، فيما يعود عليهم بالنفع، أو بدفع الضرر، في أمر دينهم أو دنياهم. فكم هي اللذة التي يجدها العالم أو الداعي أو الناصح حينما يعلِّم الناس الخير ابتغاء وجه ربه، فيرى بينهم أثراً لتعليمه وإرشاده ونصحه؛ فذاك على يديه اهتدى إلى الإسلام بعد كفره، وذاك تاب إلى الله بعد إسرافه على نفسه في معصية ربه، وذاك صار باراً بعدما كان عاقًا، وتلك الأسرة التأم شملها وحلَّت فيها السعادة بعدما صلح حال الزوج على يدي ذلك العالم أو الداعي. فما عملوا من الخير وتركوا من الشر كان لمن هداهم منه نصيب من الأجر يجده عند لقاء ربه، فكيف لا يلتذ ولا يسر من قدم هذا الإحسان إلى الناس ورأى أثره فيهم. وكم هي اللذة التي يحس طعمها ذلك المحسن بماله حينما يجد لإحسانه المالي أثراً طيبًا فيمن أحسن إليهم، يوم أشبع بطن جائع في يوم ذي مسغبة، أو كسا جسم عارٍ، أو عالج مريضًا، أو زوَّج عازبًا تائقًا، أو كفل يتيمًا أو أرملة، أو قضى دين مدين، أو فك قيد عانٍ، أو أغاث ملهوفًا، أو تحمل إيجار منزل لفقير مستأجر، أو بنى مسجداً، أو دار تعليم نافع، أو بيتًا لمحتاج.

 

الدكتور مسلم اليوسف