يقول خبراء الشؤون الأسرية إن الزواج ليس مجرد ارتباط بين شخصين، بل هو شراكة تمتد لتشمل الأسرة والمجتمع بأسره، لذلك فإن التقارب في التربية وفي المستوى الاجتماعي بين الزوجين، يساهم بشكل كبير في تسهيل التفاهم بينهما، خاصة عند مواجهة التحديات اليومية مثل التعامل مع المشكلات وإدارة الحوار، فاختلاف أسلوب التربية بين الأبوين تنشأ عنه خلافات كثيرة تنعكس على الأبناء في التذبذب في أساليب التربية، وهذه الاختلافات يمكن أن تسهم في زيادة المشاحنات داخل الأسرة، وتضعف الروابط الزوجية، مما يؤثر سلباً على الأبناء، لذلك من الضرورة أن يتأكد كل طرف من توافقه مع الآخر قبل اتخاذ خطوة الزواج، وذلك لتجنب الخلافات والتحديات التي قد تظهر بعد فترة قصيرة من الزواج.
الاختلافات الثقافية بين الزوجين تمثل تحدياً كبيراً
يقول الخبراء إنه قد يختلف الزوجان من ناحية الخلفية الثقافية، نظراً لطبيعة حياة كل منهما، سواء فيما يتعلق بالعادات والتقاليد أو الخلفية الفكرية أو في طريقة التربية أو غيرها من العوامل، فتؤدي إلى حدوث بعض المشاكل الزوجية، نتيجة لاختلاف التربية بين الرجل والمرأة، وقد ينتج عنه:
– التَّصادم بين البيئتين
– الاختلاف الثقافي بين الزوجين
وبالتأكيد إن كلا الزوجين نشأ في بيئة وعائلة تختلف عن الأخرى، حيث تتميز كل أسرة بتقاليدها وأساليب تربية مختلفة، وحتَّى لو كان الزوجان قد نشآ في نفس البيئة، فإنَّ أسلوب التربية والتعامل يختلف من أسرة لأخرى، وبالرغم من التشابه في النمط الاجتماعي، إلا أنه قد يحدث تصادم بين القيم والمعارف التي يحملها كلٌّ من الزوجين، مما يؤدي إلى نشوب صراع بينهما، فإن تقارب البيئتين تربوياً واجتماعيا يعد ضرورياً لتحقيق التفاهم والتوافق والاقتراب من أجواء المودة والرحمة والسكينة باعتبارها أهدافاً مقصودة للحياة الزوجية.
انعدام التواصل بين الزوجين
الزوجان المتوافقان يتواصلان معاً بشكل جيد، وذلك يقلل من الخلافات، وعدم التوافق بين الزوجين يعني فقدان القدرة على إدارة أمور الأسرة بدون خلافات، ويتمثل انعدام التواصل بين الزوجين بانعدام الحوار وعدم الوصول لطريقة إيجابية لحل المشاكل، أو عدم وجود مرونة لأحد الطرفين أو كليهما للوصول لأي حلول لمشاكلهما، مما ينعكس سلباً على حياتهما ويسبب حدوث مشاحنات ومشاكل وانقطاع حسي بينهما مما يؤثر على علاقتهما ببعضهما وبأطفالهما.
افتقاد الانسجام
طبيعة حياة وأفكار وعادات عائلة الزوجين قد تنعكس على حياتهما، بسبب ارتباطهما الوثيق بهما، فكل منهما ينقل أفكار عائلته الكبيرة لعائلته الصغيرة “الزوج والأولاد”، بالتأكيد سوف ينعكس هذا سلباً على حياة جميع أفراد الأسرة، كما يسفر عدم الانسجام عن فشل العلاقة الزوجية وانهيارها، حيث الاختلافات الثقافية والتربوية تمثل عائقاً أمام تفاهم الزوجين، فالانسجام الفكري يعود على العلاقة الزوجية بمشاعر تتسم بأعلى درجات العمق والاحترام بين الزوجين، فلابد أن تفهم الزوجة زوجها فكرياً والعكس صحيح، ويكون الزوجان شريكين في كل شيء، بما في ذلك المشاكل والأفكار وأسلوب التفكير حتى يحدث التناغم والانسجام.
صراعات تنعكس على الأبناء
إن اختلاف أسلوب التربية بين الأبوين تنشأ عنه صراعات كثيرة تنعكس على الأولاد، كالتذبذب في أساليب التربية، فمثلاً نجد الأب أحياناً يميل إلى التشدد في التربية وتطبيق مبدأ العقاب القاسي، أو العكس أن يميل إلى تدليل الأبناء بشكل مبالغ فيه في الأوقات القليلة التي يقضيها معهم، إذا كان منشغلاً بعمله وهنا ينشأ الصراع مع الزوجة التي استمرت على نهج معين في تعويد الأبناء على نظام وأسلوب معيشة معينة، وهي على دراية تامة بنفسية كل واحد من أبنائها، فهي أقرب لهم بحكم مكوثها معهم أوقاتاً طويلة.
فجوة في العلاقة
من الطبيعي أن يحدث خلاف بين الزوجين، فهما نشآ في بيئتين مختلفتين، وتزداد المشكلة صعوبة بين الزوجين إذا كانت بينهما فجوة في العلاقة ولا توجد بينهما أي مشاعر وهناك مشاحنات دائمة، مما يولد لدى كل منهما الإصرار على فرض أسلوبه على الآخر في تربية الأبناء، وفجوة الخلاف بين الزوجين تعتمد على السلوكيات المخزنة في الذاكرة، وإذا كانت الفجوة كبيرة بين الزوجين ثقافياً وفكرياً، واجتماعياً ستظهر الكثير من الخلافات، ولا نعني بكمّ الشهادات التي حصل عليها الشريك، بل مدى رقي أفكاره الراسخة حتى لو حصل على الحدّ الأدنى من الشهادات العلمية.
عدم وجود أهداف مشتركة
بمعنى أن يكون لكل من الزوجين أهدافه الخاصة في الحياة التي قد لا تتفق مع الطرف الآخر وربما تتناقض معه، إلى جانب رؤيتهما للمستقبل غير المتوافقة ولا يستطيعان التوصل إلى أرضية مشتركة، فقد يتسبب ذلك في توترات ومشاكل مستقبلية، وهذا يؤدي لعدم الانسجام فتنشأ بينهما مشاحنات على أشياء لا تستحق وتتحول لمشاكل كبيرة يصعب حلها بسبب اختلاف في وجهات نظرهما.
مشكلة في انعدام التوافق
ففي العديد من الأسر التي يكون فيها أحد الشريكين جاء من بيئة مختلفة تماماً، ربما يواجه مشكلة في التوافق مع الشريك، فقد تجد شريكين متوافقين ظاهرياً في كل شيء، إلا أن أحدهما تربّى على عدم احترام الشريك، أو نشأ في أسرة سيئة أو يعاني الكثير من المشاكل النفسية والاجتماعية، أو نتيجة لاختلاف البيئة التي ينحدر منها الزوجان، كأن يكون أحدهما من بيئة مغلقة محافظة، أو من نمط تربية متشدد، والآخر من نمط وبيئة أكثر انفتاحاً وتقبلاً.