هكذا يحتفل الجزائريون بنجاحاتهم.. “البوق” و”البارود” والولائم احتفالاً بالشهادات المدرسية

هكذا يحتفل الجزائريون بنجاحاتهم.. “البوق” و”البارود” والولائم احتفالاً بالشهادات المدرسية

مع صدور نتائج الامتحانات الرسمية، ترتفع الزغاريد تباعا لتعلن عن نجاح الابن أو الابنة كأول رد فعل عفوي يصدر من قلب الأم قبل حنجرتها.

اعتادت العائلات الجزائرية الاحتفال بنجاح أبنائها في امتحانات شهادة البكالوريا والامتحانات المدرسية الأخرى بطرق مختلفة، وإن بات بعضها أشبه بطقوس للتعبير عن الفرح والفخر أيضا.

فالنجاح، حتى لو كان مدرسياً، مصدر فخر للعائلات التي تحاول أن تعيش فرحة الأبناء والأحفاد بكلّ تفاصيلها، ويصل الأمر إلى حدّ إعلان مواعيد للاحتفال، واستقبال المهنّئين، خصوصاً إذا كانت النتائج مبهرة أو غير متوقعة.

 

الزغاريد سيدة الموقف
الزغاريد هي عادة ملازمة للمناسبات البهيجة لدى العائلات الجزائرية ومنها النجاحات الدراسية، فما إن يتم الإعلان عن النتائج عبر الأنترنت، حتى تبدأ ذوات الحناجر المدوية في إطلاق الزغاريد التي تملأ أرجاء الأحياء لمنحها جوا بهيجا ينقل الفرحة من بيت الناجح إلى الجيران ليتجاوبوا معها ويشاركوا عائلات الناجحين فرحة نجاح أبنائهم سواء في البكالوريا أو المتوسط أو حتى الابتدائي والتي تعتبر أول شهادة على الرغم من بساطتها إلا أنها مرحلة من مراحل المشوار الدراسي للتلميذ لا يجب الاستهانة بها، تقول السيدة رتيبة ما إن تمّ الاعلان عن النتائج وتيقنت من نجاح ابنها حتى ابتهجت وراحت تزغرد دون توقف وعانقت ابنها، كما فرحت بدخول جيرانها إلى بيتها بعد سماع الزغاريد وشاركوها الفرحة ولم يخرجوا إلا وهم يحملون قوارير المشروبات الغازية كعادة ملزمة وكانت الزغاريد تدوّي عبر بيوت الناجحين بعد إعلان النتائج واستمرت الى اليوم الموالي بعد قدوم الأقارب لتقديم التهاني والتبريكات للناجحين.

 

المشروبات الغازية.. عادة ملازمة منذ القديم

يتمسك الجميع في الجزائر دون استثناء بعادة توزيع المشروبات الغازية على الجيران والأحباب عبر الأحياء بمجرد صدور النتائج، وهي عادة حميدة تزيد من الألفة والمحبة ومشاركة الجيران الأفراح كما في الأحزان ورغم بساطة العادة إلا أن أهدافها بعيدة في تقوية العلاقات الاجتماعية وحسن الجوار، يقول السيد مصطفى أنه وبعد اعلان النتائج وتأكده من نجاح ابنه، قام بشراء صناديق من المشروبات الغازية لتوزيعها على أصدقائه في الحي وجيرانه حتى أنه قام بإرسال ابنه الناجح الى بيوت الجيران والأصدقاء وقام بتسليم مشروبات نجاحه بيده، وأردف الأب بالقول إنه في العقد الرابع من العمر ويتذكر جيدا أنه بعد نيله السيزيام فيما مضى قام بنفس الخطوة وأرسلته أمه لتوزيع مشروبات نجاحه على الجيران، فالتزم هو أيضا بنفس العادة التي تنشر المحبة والمودة بين الجيران بتقاسم أجواء فرحة النجاح.

“الرصاص”.. إيذانا بالنجاح

ونظرا لما تكتسيه شهادة البكالوريا من أهمية وقيمة في المسار الدراسي والذهنية الجزائرية، فإن الاحتفال بها يكون بشكل أكبر يصل حد إطلاق الرصاص والبارود فور إعلان النجاح، على الرغم مما تسببه هذه العادة المؤذية من سقوط ضحايا، إلا أنها أصبحت لدى بعض العائلات من أبرز طقوس الاحتفال خاصة في مدن الشرق الجزائري، كما يفضل الشباب عموما إطلاق “البوق” في أجواء جماعية إعلانا للنجاح وفخرا بالفوز.

 

“القهوة” وما لذ وطاب من الحلويات

تتفق العائلات الجزائرية في احتفالاتها على الحلويات التقليدية، مثل “البغرير” في مناطق وسط الجزائر، والذي يُطلق عليه “الغرايف” في مناطق الشرق، إلى جانب “السفنج” و”المشوشة” وكلّ الحلويات التي ترتكز على اللوز والسميد والعسل. ولعلّ الأبرز يبقى “البقلاوة” و”المقروط” المطهو في الفرن و”المقروط” المقلي في الزيت.

إلى جانب الحلويات التي ترتبط غالباً بما يسمّى “حفل القهوة”، ثمّة عائلات تحتفل من خلال الولائم و”الوعدات”، خصوصاً عند النجاح بشهادة البكالوريا والشهادات الجامعية. فتتفنّن العائلات في طهي الأطباق الشعبية التقليدية، خصوصاً الكسكسي.

 

الهدايا.. تكاليف مضافة للعائلة

تمثل نهاية السنة الدراسية فترة إعلان النتائج المدرسية، خاصة بالنسبة للامتحانات النهائية، وهو ما يعني المباركة والتهاني وتقديم الهدايا التي تشكل عبئا إضافيا يثقل كاهل ميزانية الأسرة المنهكة أصلا من مصاريف الحياة التي التهبت أسعارها.

وحول هذا الموضوع، قالت السيدة “فريدة” إنها تقوم بجهد كبير من أجل توفير بعض المال للقيام بمهاداة الناجحين، وأضافت أنها تحب كثيرا شراء الهدايا ومشاركة الفرحة، لكن الظروف المالية والغلاء الذي ألهب الجيوب، جعل الهدايا بمثابة ضرائب وغرامات تخشاها الأسر.

فالهدية من الأعراف التي لا تقبل النقاش وهي تقترن بالمناسبات تعبيرا عن الفرح مع صاحب الوليمة مهما كان نوعها ويختلف نوع وقيمة الهدية، حسب الشهادة المتحصل عليها، وكذا درجة القرابة مع الناجح، فضلا عن القدرة المالية للعائلة.

فهدية “السانكيام” تختلف عن “البيام” ولا تشبه أبدا هدية البكالوريا، ويحتار الجزائريون في الهدية التي سيقدمونها للناجح خاصة مع الغلاء الذي طال كل شيء، ما جعل الهدية عبئا على كاهل الأسرة، وهو ما اعتبره الكثيرون أمرا محزنا، ففي الوقت الذي ترغب في مهاداة أحبائك، تجد نفسك عاجزا ليس بخلا وإنما بسبب الغلاء الذي يجعل الشخص يدخر المال طيلة السنة تحسبا لهذه الفترة، خاصة بالنسبة للعائلات التي يجتاز أكثر من فرد أو فردين الامتحانات النهائية.

وفي هذا السياق، قال لنا السيد رابح إنه بالفعل هناك العديد من أقاربه من نجحوا في الامتحانات النهائية، وهم يصممون على إقامة وعدات ودعوة الأقارب، وهو شيء جد جميل يقوي صلة الرحم، كما يعبر عن مساندة العائلة في الأوقات البهيجة والفرح معهم، وعن نوعية الهدايا التي يعول على تقديمها للناجحين، قال إن الأمر تتكفل به وزيرة الداخلية على حد قوله، يضحك، وهي زوجته، لكن أعلمنا أنها في العادة تقدم مبالغ مالية قيّمة للناجحين تتعدى 2000 دينار من أجل إدخال الغبطة على قلب الناجحين. أما السيدة رتيبة فقالت إنها تنوي مهاداة ابنة أخيها التي اجتازت البكالوريا هاتفا نقالا وعدتها به مسبقا، فهي مهووسة بالهواتف الذكية وستكون مفاجأة تفرحها كثيرا.

لمياء بن دعاس