لم تشهد البشرية في القرنين التاسع عشر والعشرين إبادة جماعية لشعب أعزل كالتي وثقها العالم مع الاستعمار الفرنسي في الجزائر، إذ أباد في ظرف 124 سنة “1830-1954″ بين 8 ملايين إلى 12 مليون جزائري، وفق شهادات مؤرخين فرنسيين وقادة في ثورة التحرير، اصطلح على تسميتها بـ”المحرقة الفرنسية في الجزائر”. وطوال هذه الفترة، خاض الجزائريون مقاومات شعبية مسلحة متفرقة ومنعزلة ضد المستعمر الفرنسي، بدأت مع الأمير عبد القادر إلى المقراني والحداد ولالا فاطمة نسومر، ورغم شراستها إلا أن الاستعمار الفرنسي تمكن من وأدها. كما شكلت مجازر الثامن مايو سنة 1945 التي أباد فيها الاستعمار أكثر من 45 ألف جزائري خرجوا مطالبين فرنسا بالوفاء بوعدها منح الجزائر استقلالها، منعرجاً حاسماً في تاريخ الجزائر ومسار الحركة الوطنية في بداية القطيعة النهائية مع النظام الاستعماري.
صب الخلاف الداخلي في حركة انتصار الحريات في صالح التيار المنادي بتبني الكفاح المسلح، فتشكلت معه “مجموعة 22″ في 23 يونيو 1954 وكلفت مجموعة مكونة من 9 مناضلين لإعداد الترتيبات النهائية لاندلاع ثورة التحرير التي حُددت في الساعة الصفر من ليلة الفاتح نوفمبر عام 1954. وعشية اندلاع ثورة التحرير أصدرت جبهة التحرير الوطني بيان 1 نوفمبر 1954 الموجه للشعب الجزائري والحكومة الفرنسية، وكان أول وثيقة للثورة الجزائرية شكلت الخطوط العريضة للحزب، وتضمنت مجموعة من الأهداف الداخلية والخارجية. وتضمن:
– إقامة الدولة الجزائرية الديمقراطية الاجتماعية ذات السيادة ضمن إطار المبادئ الإسلامية، واحترام جميع الحريات الأساسية دون تمييز عرقي أو ديني.
– كما حدد أهدافاً خارجية وهي: تدويل القضية الجزائرية، وتحقيق وحدة شمال أفريقيا في داخل إطارها الطبيعي العربي والإسلامي.
– الاعتراف بالجنسية الجزائرية بطريقة علنية ورسمية، ملغية بذلك كل الأقاويل والقرارات والقوانين التي تجعل من الجزائر أرضاً فرنسية رغم التاريخ والجغرافيا واللغة والدين والعادات للشعب الجزائري”.
– تجميع وتنظيم جميع الطاقات السليمة لدى الشعب الجزائري لتصفية النظام الاستعماري.