الجزائر – سجل الأسبوع الماضي تحولات هامة في تعاطي المغرب مع القضية الصحراوية من داخل الاتحاد الافريقي، التي ظهرت في صورة “تنازلات” مكره لا بطل، أمام الحتميات التي فرضها “امر واقع” داخل التنظيم
الإقليمي.
لم ينس النظام المغربي “ازدواجياته” المعهودة و هو يطرق باب الاتحاد الإفريقي وينضم إليه عبر النافذة الضيقة ضيق الخناق الذي فرضته القضية الصحراوية و “مرتداتها” على الصعيد الاقليمي و الدولي، فكانت البداية “فضفاضة الخطابات” ومهرجانا من الاستعراض الديبلوماسي الذي يحاول تصوير “تنازلاته” (حتى لا نقول انتكاساته) على أنها انتصارات، وكأن العائق أمام دخوله كان الاتحاد الافريقي وليس الرباط في حد ذاته من انسحب ذات يوم من التنظيم القاري بمحض إرادته، كما أنه لم يطلب يوما العودة إليه وتم رفضه ..وحتى أن عودته قد تكون مرغوبة حتى لدى خصومه الصحراويين كونهم يجبرونه على التعامل وفق أرضية الاتحاد التي لا يمكن أن تكون أبدا مخيبة لمطلب وآمال الشعب الصحراوي في “تطهير” إفريقيا من ظاهرة الاستعمار.
وفي ظل انغماس المملكة المغربية اليوم في حتميات “الامر الواقع”، امام عدالة التاريخ والجغرافيا التي ينتظر منها أن تصفي ما بقي من الملف الصحراوي، لم يبق للديبلوماسية المغربية ّإلا “اللسان” المغرض لتبرير فشلها أمام شعب مغربي أوهمته على مر السنين أن قضية الصحراء الغربية مؤامرة وأن جيرانهم الصحراوين هم مغربيون وأن أشقاءهم الجزائريين أعداء ..مبررات في حقيقتها تبحث للمخزن عن مخرج آمن من الاحتقان الاجتماعي والسياسي الذي “يتراكم” خارج المشور السعيد والقصور التابعة ..
ولعل آخر نكت الديبلوماسية المغربية هي تصريح وزير خارجيتها ناصر بوريطة بأن “البوليساريو غير مرئيّة والصحراء الغربية ليست عربية” ، عبارة تقابلها صورة جماعية “رسمية” يظهر فيها وزير الخارجية بوريطة نفسه إلى جانب نظيره الصحراوي محمد السالم ولد السالك في اجتماع وزراء خارجية الاتحادين الإفريقي والأوروبي، تحضيرا لقمة قادة القارتين، صورة تغني المتتبعين عن ألف جواب.
ويتزامن الحدث أو التحول البارز في “تموضع” الرباط داخل الاتحاد الافريقي مع اقتراب الذكرى الاولى من عودته إلى التكتل القاري (30جانفي2017) ، وهي الذكرى التي ستضع المخزن على طاولة الحسابات الداخلية ليحصي “تنازلاته” من جهة ومكاسب القضية الصحراوية في الجهة المقابلة، خاصة وأن الرباط أبانت أنها فهمت رسالة “أديس أبابا” في اوت الماضي بتليين سلوكها الديبلوماسي من رفض مشاركة الوفد الصحراوي في مؤتمر إلى الموافقة على الظهور في صورة جماعية بين “نظيرين” على نفس القدر من الندية، وهي إشارة قد تبدو إيجابية في اتجاه مسار القضية رغم التصريحات المتعنتة التي قد تبدو احيانا مثيرة للشفقة كونها بحثا عن مخرج مشرف أمام الراي العام الداخلي لا أكثر.
ويكفي من ذلك قراءة الصحراويين لهذه التحولات بإشارات إيجابية دفعت وزير الإعلام الصحراوي إلى التحدث عن “كسر للحاجز السيكولوجي المغربي” ومطالبة المغرب “بالنظر بإيجابية للمستقبل وإنهاء حالة الاستعمار في الصحراء الغربية”.