نفسانيون يحذرون من إدمان الأطفال على الرسوم المتحركة.. العنف والجريمة من أكثر موضوعاتها

نفسانيون يحذرون من إدمان الأطفال على الرسوم المتحركة.. العنف والجريمة من أكثر موضوعاتها

الرسوم المتحركة عالم ساحر يحتفل به الأطفال ولا يود مغادرته الكبار، هو عالم يمزج بين المرح والتوعية، وكذا بين الصور المعبرة والرسائل التربوية، والرسوم كغيرها من الفنون الأخرى، أدخلت عليها تقنيات جديدة وعرفت حللا معاصرة فانتقلت إلى عالم الكمبيوتر بخطى واسعة، ولا ينفي المختصون وجود إيجابيات للرسوم المتحركة، كتنمية خيال الطفل وتزويده بالمعلومات الثقافية، وتعليمه العربية الفصحى التي قد يفتقر إليها محيطه الأسري.

العنف والجريمة من أكثر الموضوعات تناولا في الرسوم المتحركة لأنها تحتوي عنصري الإثارة والتشويق، وهذا ما يضمن نجاحها، ولهذا يُحذر المختصون من مشاهد العنف على الطفل خاصة في المرحلة ما بين سنة وست سنوات، لوجود احتمال إصابته برهاب حدوث ما رآه في الرسوم المتحركة في الواقع وتصوره أنها ستؤذيه، كما يتولد لديه خوف من الأشياء المحيطة به خاصة الألعاب إذا كان لديه دمية تشبه شخصية الرسوم المتحركة.

كما يمكن أن يصاب الطفل باضطرابات نفسية من جراء مشاهدته للمناظر العنيفة، خاصة اضطرابات النوم، فالكثير من الأطفال يعانون من الكوابيس في الليل وبالتالي الإرهاق في النهار، ما يؤثر سلبا على انتباهه وقوة تركيزه، وهذا ما يؤدي إلى تراجع تحصيله العلمي هذا بالنسبة للأطفال في سن التمدرس.

 

رئيس رابطة تنشيط أوقات فراغ الشباب:”مراقبة الرسوم المتحركة التي يشاهدها الطفل ضرورية”

أشار رئيس رابطة تنشيط أوقات فراغ الشباب، علي صفصاف، إلى أن للرسوم المتحركة تأثير كبير على تنشئة الطفل، وتلعب دورا كبيرا في صناعة شخصيته، مثلها مثل الإعلام الذي يوجه المجتمعات، ذلك أنه أصبح أداة توجيه فعالة، في ظل التَراجع النسبي لدور المسؤولين عن التنشئة، وبالدرجة الأولى الأسرة.

وقال صفصاف عن الرسوم المتحركة إنها كانت تحمل رسائل نزيهة وتتميز بالفكاهة والاحترام، يمكن للطفل مشاهدتها دون خوف عليه من تأثيرها السلبي على شخصيته، حيث قال “الرسوم المتحركة التي عرفتها الأجيال السابقة هي أكثر سلامة على الطفل من الرسوم التي تبث على القنوات المخصصة للأطفال في الوقت الحالي، إذ أنها تحمل في معانيها رسائل غير حميدة، تجعل الطفل بفعلها يحمل بعض الصفات السيئة كالعنف والكراهية والتمرد وحتى الشذوذ، وتفقد بذلك الفرد قيمه، لاسيما في تلك المرحلة من العمر، حيث يكون الطفل كإسفنجة يمتص كل ما يمر على أذنه ويسجل بالصوت والصورة كل ما يحدث حوله، وبذلك تؤثر الرسوم المتحركة على شخصيته”.

ويضيف المتحدث أن الطفل الناشد للهو والترفيه يجد فيه في مرحلة الانقياد والتوجيه، عالما خاصا به يمكن أن يمضي يوما كاملا دون الملل من برامجها، وقد تفنن صانعو تلك البرامج في صياغة أساليب مثيرة للاهتمام بالنسبة للطفل، تستقطبه بطريقة جد فعالة، وفق أساليب وحيل ذكية تجعله يراها وسيلة للتوجه وصياغة الشخصية، لاسيما إذا غاب العامل البديل والمؤنس، وهي الأسرة التي لها دور في التنشئة والتوجيه والتربية.

ويضيف “أصبحت مشاهدة التلفزيون من أكثر النشاطات في حياة الطفل بعد النوم، وفي السنوات القليلة الأخيرة بدرجة أقل بعد انتشار “آفة الإدمان على الإلكترونيات وألعاب الشاشة” التي لها نفس التأثير، كتأثير الرسوم المتحركة غير “المستحبة” التي يشاهدها الطفل”.

هذا، ودعا علي صفصاف إلى أهمية دراسة أثر الرسوم المتحركة على الأطفال، ليس لأنها تشكل النسبة الأعلى لما يشاهدونه فقط، بل وتنبيه الآباء لخطورة أثارها على الأطفال، فغالبا ما يلجؤون إلى شغل أوقات الصغار بها، مشيرا إلى أهمية مراقبة ما يشاهده الطفل وتوجيهه نحو الرسوم المتحركة الآمنة والمشبعة بالقيم الإيجابية والسامية.

 

الطيب شريف بشير مدير مؤسسة نوميديا للفنون : لا نهتم بتوزيع الرسوم ومشكلتنا في السيناريو

وحول واقع الرسوم المتحركة بالجزائر، يقول الطيب شريف بشير مدير مؤسسة نوميديا للفنون، إنه أسس رفقة أخيه مؤسسة نوميديا للفنون سنة 1998، عندما اقتحم الملتيميديا عالم الكمبيوتر وأصبح بالإمكان عمل رسوم من خلال الإعلام الآلي، حيث كانت لديه معرفة ببعض التقنيات اللازمة لذلك، إضافة إلى عمله بالرسوم في مجلتي “نونو” و”سندباد”.

وقال حول هذا الموضوع “بدأنا العمل في هذا المجال وأنجزنا لحد الآن عدة سلسلات وهي: “أدرار 13″، “كليلة ودمنة”، “كتاب الزمان” (بتقنية الظل الصيني)، “المفتش طاهر”، “عادل والإعلام الآلي”، “ماهر البروفيسور” و”الجزائر تاريخ وحضارة”، وانتقلنا اليوم إلى عالم أفلام الرسوم المتحركة ولدينا أكثر من مشروع فيلم بتقنيتي ثنائية وثلاثية الأبعاد، وهي “الرايس حميدو”، “الأمير عبد القادر”، “معركة الجرف”، “معركة الجزائر”، “أحداث 11 ديسمبر” و”المفتش الطاهر”، الذي سيكون أول فيلم ننطلق في إنجازه قريبا مع فيلم “رايس حميدو”.

أخرجت سلسلة “الجزائر تاريخ وحضارة” التي أعدها كريم بوجمعة، وقد أتممناها مؤخرا بعد خمس سنوات من العمل المتواصل، وتضم 52 حلقة، كل حلقة تدوم 26 دقيقة، وكانت بداية عمل هذه السلسلة صعبة، خاصة أننا انطلقنا من دون تمويل، الذي تحصلنا عليه فيما بعد من وزارتي المجاهدين والثقافة، ولكنه لم يكن كافيا، ومع ذلك واصلنا المسيرة التي اتسمت بارتكابنا لأكثر من خطأ في التسيير لنخرج في نهاية الأمر بمشروع كبير وتجربة أكبر.

أما عن الأعمال الأخرى، فقد كانت من إنتاج التلفزة الوطنية وتحصلت إحداها وهي “كليلة ودمنة”، على جائزة بمهرجان قرطاج، كما تم عرض “أدرار 13″ و”المفتش طاهر” في التلفزة، إلى جانب “كليلة ودمنة”.

بالمقابل، هناك ثلاث طرق بالنسبة لتمويل الرسوم، وهي أولا عرضه للبيع وهو ما حصل لنا مع سلسلة “أدرار 13” بحكم أنه أول عمل (أي أننا لم نكن معروفين على الساحة)، ثانيا أن ننجز عملا حسب الطلب وهو ما حدث مع سلسلة “المفتش طاهر”، وثالثا نحن الذي نقترح موضوع العمل وجهة ثانية تموّل وهو ما حصل مع سلسلة “كليلة ودمنة”. وفي سياق متصل، نواجه صعوبات في التمويل رغم أننا رائدون في هذا المجال سواء في الجزائر أو في إفريقيا، كما لا توجد في العالم العربي سوى شركتين، واحدة في الإمارات العربية المتحدة والثانية في مصر. وفيما يخص توزيع أعمالنا فنحن لحد الساعة لم نهتم بالموضوع لأنه ليس لدينا إنتاج كبير يجذب إليه شركات الإنتاج، وفي الصدد نفسه يمكن لنا أن نبيع سلسلاتنا رغم أنها من إنتاج التلفزة لأننا نملك نسبة منها، ولكن كما ذكرت لسنا مهتمين بهذا السوق وسيكون الأمر مختلفا عندما ننتج أفلام الرسوم التي نحن بصدد إنجازها.

أما عن مسألة اختيار الرسامين والمدبلجين فيكون هذا عن طريق كاستينغ، وهنا أريد أن أتوقف عند الرسامين الذين يشترط فيهم الموهبة، أما عن معرفة طريقة رسم الرسوم المتحركة فيكون عن طريق العمل المستمر، كما أننا مكلفون بتعليمهم التقنيات اللازمة، وكوّنا الكثير من الرسامين الذين غادر عدد منهم نحو وكالات الإشهار والبعض الآخر اختار العمل في نفس الميدان أي مجال الرسوم المتحركة لكن بطريقة مستقلة.

من جهة أخرى، أعتقد أن أكبر مشكل نواجهه في عملنا هو غياب أو قلة كتّاب السيناريو، وهو مشكل عويص حقا، وإذا أردنا أن نتطور، علينا أن نحتك بالرسامين الأجانب وهذا يتطلب عملا كبيرا منا نحن.

 

حسين ياسف صاحب مشروع لتكوين مختصين في الرسوم المتحركة:”قادرون على صنع رسومنا الخاصة”

الرسوم المتحركة مهمة جدا في تكوين شخصية الطفل، وهذا من خلال تركيزها على الجانب التربوي والتوعوي، وفي هذا السياق، أصبو إلى فتح مدرسة أو حتى فرع سواء في مدرسة الفنون الجميلة أو مركز التكوين المهني خاص بالرسوم المتحركة، إلا أن هذا المشروع قد يبقى مجرد حبر على الورق لعدم وجود ممول له.. هو مشروع في غاية الأهمية، سواء على المستوى المحلي أو الدولي، لأنه سيهتم أولا بتكوين رسامين مختصين في الرسوم المتحركة دون أن يشترط عليهم حصولهم على البكالوريا أو غيرها من الشهادات، وبعد فترة من التكوين سيكون لدينا عدد هائل من المكونين يتنقلون إلى ولايات الوطن ويّكونون بدورهم رسامين آخرين وهكذا دواليك، أيضا سيكون هذا المعهد أو الفرع الخاص بالرسوم وجهة للرسامين الأفارقة الذين سيجدون فيه فضاء يعبرون فيه عن مواهبهم في هذا المجال.

أما على المستوى الدولي وبالأخص من الجانب الأوروبي، فسيكون الطلب كبيرا على رسامينا، باعتبار أن الجزائر أقرب من دول أخرى مختصة في الرسوم مثل بنغلادش التي تضم 7800 رساما واليابان 25 ألف وهو ما يساعدهم من الناحية المادية.

الطلب على الرسوم كبير جدا وسوق الرسوم المتحركة متحرك باستمرار، ورسامونا لن يجدوا أية صعوبة في إيجاد مناصب عمل في هذا المجال، وأنا متمسك جدا بهذا المشروع الذي أتمنى أن يرى النور قبل أن تخطف فكرته دول أخرى.

الرسوم المتحركة مهمة جدا كما ذكرت سابقا، فهي تساهم في تربية النشء، فأنا مثلا أحضر لسلسلة تربوية بتقنية 3 دي التي يتقنها شبابنا، تحتوي على مواضيع متعددة مثل النظافة، فيجب الاهتمام بالجيل الجديد الذي يمثل ذخيرة البلد، ودائما في هذا الصدد أتساءل لماذا لا تكون لدينا رسوم خاصة بنا تتحدث عنا وتتناول قضايانا، أي رسوم بعقلية جزائرية؟ نعم يمكننا أن ننتج رسوماتنا فلم نشترِ رسومات الغير؟ ولكنني أعود وأتساءل أين هو الفضاء لإنتاج رسوماتنا؟

بالمقابل، لدي مشروع آخر رفقة الرسام العالمي روني بورغ اسمه “أوليفو وزيتونات” بتقنية 3دي، يضم زيتونات عديدة من منطقة البحر المتوسط، تتحدث كل منها عن بلدها من خلال الزيت الذي يتميز به ومنها زيتونة فلسطين وبالطبع زيتونة الجزائر، ودائما مع روني لدي مشروع آخر اسمه “جحا”. هناك مشروع آخر اسمه: “أس أو أس”، يحكي في ست دقائق، قصة طفل يحلم بنهاية العالم سنة 2050، وعندما يستيقظ من حلمه مرعوبا يذهب إلى النافذة فيتأكد من أن الدنيا ما تزال بخير، ولكنها قد تتحول إلى ما لا يحمد عقباه في حال عدم الحفاظ عليها، وسيكون هذا الفيلم أيضا بتقنية 3دي يضاف إليها التقنية الجديدة “رولياف”.

ق.م