صلاح الأبناء والبنات أمنية الآباء والأمهات، فيا لها من نعمة عظيمة، ومِنَّة كريمة جميلة، حين تصبح وتمسي، وترى ذريتك، وقد مَنَّ الله عليهم بالصلاح والهداية، يخافون الله، ويقيمون الصلاة، ويحافظون على دينهم، ويتخلَّقون بالأخلاق الكريمة، ذرية تحبهم ويحبونك، وتودهم ويودونك، تأمرهم فيطيعونك، تجد منهم كل احترام وتقدير يبرُّون بك، وينفعون أنفسهم، وإخوانهم، ومجتمعهم، وأمتهم. إن الولد الصالح لَمِن خير ما يدِّخره المرء لنفسه بعد وفاته، فأولاد الرجل من كسبه، وعملهم الصالح من عمله، ودعاؤهم الصالح زادٌ له في قبره. وكم من أب كان مغمورًا فصار مشهورًا، وغدا بالخير مذكورًا، وحلَّ في الجنة قصورًا، بسبب ابن له رباه فأحسن تربيته، فبارك الله فيه ونفع به الناس!
وذلك مما يُحتِّم التذكير والتواصي بأعظم سبب يُرجى أن يصلح الله به الولد؛ ذكرًا كان أم أنثى، وذلكم السبب مما يملكه كل والد أبًا كان أو أمًّا، ذلكم هو دعاء الوالد لولده، إن تلك الدعوة رحمة رحم الله بها الوالد والولد حين جعلها مجابةً، لا يعتري إجابتها شك؛ فعن أبي هريرة، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “ثلاث دَعَوَات مستجابات لا شك فيهن: دعوة الوالد، ودعوة المسافر، ودعوة المظلوم” رواه أحمد وحسنه الألباني، وقال مجاهد: “دعوة الوالد لا تحجب دون الله عز وجل”. ونظرًا لما للدعاء من أثر عظيم في صلاح الأبناء، وجدنا خير خلق الله تعالى وصفوتهم؛ الأنبياء والرسل يسألون ربهم ويُلِحُّون عليه سبحانه أن يصلح لهم ذريـاتهم، حتى إنهم دعَوا الله تعالى من أجلهم قبل أن يُولَدوا: فهذا إبراهيم عليه السلام يسأل ربه أن يرزقه الابن الصالح: ” رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ ” الصافات: 100. وزكريا عليه السلام يقوم في محرابه يناجي ربه: ” رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ ” آل عمران: 38. ودعت امرأة عمران فقالت لربها عز وجل ” رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنْثَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ ” آل عمران: 36. وكان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو بهذا الدعاء: “اللهم…. وبارك لنا في أسماعنا وأبصارنا وقلوبنا وأزواجنا وذرياتنا…” رواه أبو داود.
موقع إسلام أون لاين