إن نعمة الإسلام نعمة من أجل النعم وأوفاها وأعلاها، ويجب على المسلم أن يحمد الله تعالى ليل نهار على تلك النعمة الكبرى والمنة العظمى، إذ جعله من أهل التوحيد الخالص والدين الحق؛ فهو دائم الشكر على نعمة الإسلام. قال تعالى”إنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللهِ الإِسْلامُ” وقال سبحانه “وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ” وقال تعالى “اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً”. إن الحياة الحقيقية والسعادة الأبدية هي بالتمسك بهذا الدين قال تعالى ” مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ”. جاء في سبب نزول هذه الآية عن أبي صالح، قال: جلس ناس من أهل الأوثان وأهل التوراة وأهل الإنجيل، فقال هؤلاء: نحن أفضل ، وقال هؤلاء: نحن أفضل ، فأنـزل الله تعالى “مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ”.
إن الحياة الطيبة هي حياة معنوية، يعيشها قلب المؤمن مطمئناً بقضاء الله تعالى، ومنشرحاً بما قدره عليه، وسعيداً بإيمانه بربه تعالى، وليس المراد من الحياة الطيبة النعيم البدني ، وانعدام الأمراض والفقر وضيق العيش .قال ابن القيم رحمه الله: الحياة الطيبة: حياة القلب، ونعيمه، وبهجته، وسروره بالإيمان ، ومعرفة الله ، ومحبته ، والإنابة إليه، والتوكل عليه؛ فإنه لا حياة أطيب من حياة صاحبها ، ولا نعيم فوق نعيمه ، إلا نعيم الجنة، لكن هذا التعب للمؤمن لا يعد شيئا مع نعيم الجنة فسوف ينسى كل ذلك. روى الإمام مسلم عن أنس بن مالك رضي الله عنه ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “يُؤتى بأنعم أهل الدنيا من أهل النار يوم القيامة، فيُصبغ في النار صبغة، ثم يُقال: يا ابن آدم هل رأيت خيراً قط؟ هل مر بك نعيمٌ قط؟ فيقول: لا، والله يا ربّ، ويُؤتى بأشد الناس بؤساً في الدنيا، من أهل الجنة، فيُصبغ صبغة في الجنة، فيُقال له: يا ابن آدم هل رأيت بؤساً قط؟ هل مر بك شدة قط؟ فيقول: لا، والله يا ربّ، ما مر بي بؤس قط، ولا رأيت شدةً قط”.