نظرة الإسلام للعمل

نظرة الإسلام للعمل

 

لقد دعا الإسلام إلى العمل والاحتراف والاشتغال بالعلوم النافعة، وإن أطيب مال وأحلى كسب ما كان من عمل الإنسان؛ ولأن قضية العمل بالنسبة للإنسان قضيةُ مستقبل ومصير، اهتم القرآن الكريم اهتمامًا كبيرًا بها، وجاء لفظ العمل ومشتقاته في آيات كثيرة بلغت 359 آية، وردت هذه الآيات بأساليب متنوعة، مرة تأتي بلفظ الأمر الذي يفيد الوجوب فقال تعالى: ” وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ ” التوبة: 105، ومرة بأسلوب ” وَالْعَصْرِ إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ” العصر: 1 – 3. وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن خيرَ ما يأكل الإنسان من كسب يده فقال: ” إن أطيب ما أكل الرجل من كسبه، وإن ولده من كسبه “؛ رواه ابن ماجه. فقد حث الإسلام المسلم على أن يكون ديدنُه في حياته كلها العملَ والعطاء وتعمير الأرض وبناء الحياة حتى يدركَه الموت أو الساعة؛ قال صلى الله عليه وسلم: “إذا قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة، فإن استطاع أن لا تقوم حتى يغرسَها فليغرسها” رواه الإمام أحمد.

لقد عمل الشرع الحنيف على القضاء على مظاهر العوز والفقر؛ وذلك بالحث على السعي لطلب الرزق، فنهى الله تعالى الصحابة الكرام عن المكث في بيوت النبي صلى الله عليه وسلم بعد الطعام الذي دعوا إليه، ودعاهم إلى الانتشار في الأرض، ومثله قوله تعالى: ” فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ” الجمعة: 10، وقوله سبحانه: ” وَمِنْ آيَاتِهِ مَنَامُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَابْتِغَاؤُكُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ ” الروم: 23، وقد انطلق المسلمون الأوائل على هدى هذه الأحاديث في فجاج الأرض؛ ينشرون الدين، ويلتمسون الرزق، ويطلبون العلم، ويجاهدون في سبيل الله. ولقد ذكر القرآن الكريم الإيمان مقرونًا بالعمل في أكثر من سبعين آية من آياته، ولم يكتفِ بمجرد العمل، ولكنه يطلب عمل “الصالحات”  وهي كلمة جامعة من جوامع القرآن تشمل كلَّ ما تصلح به الدنيا والدين، وما يصلح به الفرد والمجتمع، وما تصلح به الحياة الروحية والمادية معًا. قال تعالى: ” مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ” النحل: 97.