سجلت سنة 2016 تلاشي القبضة الحديدية بين النقابات المستقلة ووزارة التربية الوطنية التي سعت منذ البداية أن تكون السنة الدراسية (2015/2016) خالية من أية إضرابات أو اضطرابات اجتماعية قد تؤثر سلبا على التحصيل الدراسي للتلاميذ عبر مختلف الاطوار التعليمية قياسا بما حدث خلال السنوات الفارطة. فكان ملف إصلاح نظام التقاعد وقانون العمل والتوظيف وفضيحة البكالوريا
والمسائل المتعلقة بالتوظيف الخارجي للأساتذة …أهم الملفات التي قضت على جلسات “الصلح” التي عقدتها الوصاية مع ممثلي العمال الذين صعدوا من الحركات الاحتجاجية ولوحوا بالدخول في اضرابات لمدة ثلاثة أيام كل أسبوع مرفقة بتجمعات ولائية ووطنية مجمعين أن لا تنازل عن مطالبهم الاجتماعية والمهنية والبيداغوجية قيد أنملة.
وشهدت السنة تمسك عمال قطاع التربية بضرورة التراجع عن القرار المتخذ في اجتماع الثلاثية والمصادق عليه في مجلس الوزراء والمتعلق بإلغاء التقاعد النسبي دون شرط السن، قبل أن يتدخل رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة ويقوم بتأجيله إلى غاية 2019 حيث رفض “التكتل النقابي” ما جاء في محتوى المشروع حتى وان صادق عليه مجلس الامة باعتباره لا يرقى لتطلعات العمال سيما مع عدم إشراك النقابات المستقلة في إعداد مشروع قانون العمل الجديد بهدف حماية القدرة الشرائية للعمال والموظفين لا سيما ذوي الدخل الضعيف والتحذير من الانعكاسات السلبية لمشروع قانون المالية لسنة 2017 الذي ستصاحبه ـ بحسب المتتبعين ـ زيادات عن طريق زيادة مختلف الرسوم ومعدل الضريبة على القيمة المضافة بنسبة 2 بالمائة والطوابع الضريبية وتوسيع الضريبة على الدخل الاجمالي IRG ” “
وعرفت السنة المذكورة “ملاسنات” واضحة بين ممثلي عمال القطاع ووزارة التربية الوطنية التي قررت خصم أجور الموظفين المضربين الذين طالبتهم بتعويض الدروس الضائعة تحسبا لامتحانات نهاية السنة، القرار الذي جوبه بالرفض القاطع للمضربين الذين أكدوا أن لا تعويض للدروس الضائعة إذا تم الخصم وأنّ البرنامج المقرر لن يكتمل وعلى الوصاية أن تستعد لتداعيات وتبعات الحركة الاحتجاجية والكل يتحمل مسؤوليته .
الكناباست: 2016 سنة نقص التأطير التربوي والإداري والبيداغوجي بامتياز
اعتبر بوديبة مسعود الناطق الرسمي باسم نقابة “الكناباست” أن سنة 2016 تميزت بعدة توجيهات مست المدرسة الجزائرية لأن الكل متفق أن القطاع في حد ذاته يعاني بشكل كبير من نقص التأطير التربوي والإداري والبيداغوجي خاصة مع نقص الأساتذة منذ أن تم إغلاق المعاهد التكنولوجية والتضييق على المدارس العليا للأساتذة .
وأوضح متحدث “الكناباست” في تصريح لـ”الموعد اليومي” أن سنة 2016 عرّت بما لا يدع مجالا للشك وزارة التربية الوطنية التي أصبحت تعتمد على المسابقات الخارجية في توظيف الأساتذة. فإذا كان الامتحان على أساس الشهادة _يضيف – قد غطى ولو قليلا على خطورة التوظيف الخارجي لأنه يقدم أهمية للخبرة المهنية والاقديمية والشهادات العلمية مما أعطى الفرصة للأساتذة المتعاقدين الأولوية في التوظيف وهذا ما ينقص من الغياب التام للشروط التي يجب أن تتوفر في الأساتذة خريجي الجامعات المختلفة وبالتالي تغير نمط المسابقة على أساس الشهادة إلى المسابقة الكتابية التي انتهجتها الوصاية سنة 2016 دون استشارة أو تقييم، الشيء الذي أدى إلى كارثية التوظيف الخارجي للأساتذة في قطاع التربية.
وأوضح المتحدث ذاته بأن حركة الأساتذة المتعاقدين ومسيرتهم “الشهيرة” سنة 2016 كانت إحدى أهم المنعرجات في قطاع التربية، إذ كانت فرصة للسلطات العليا لأن تفتح لهم المجال لإعطائهم الأولوية في التوظيف كي لا تقع الكوارث دون تكوين .
ويرى المتحدث أن “سيناريو” تسريبات امتحان شهادة البكالوريا سنة 2016 كانت بمثابة منعرج خطير في تاريخ المدرسة الجزائرية خاصة وأنها حدثت بطريقة لم يعرفها التاريخ قط دون تحرك القائمين على الوزارة على أساس أن العملية استمرت لـ5 أيام كاملة الأمر الذي يعتبر – بحسبه- خطيرا ضرب بمصداقية ومرجعية شهادة البكالوريا بل يعتبر مساسا بالمنظومة التربوية في ظل الطريقة التي تمت بها معالجة القضية التي أسفرت في النهاية عن الإفراجعلى المتهمين وتبرئة ساحتهم .
ويعتقد المتحدث أن السنة المذكورة لم تخل من ضجات على غرار تلك التي صاحبت إصلاحات بن غبريط “الجيل الثاني” رغم جميع التحذيرات التي أطلقت من أجل عدم التسرع أو الإسراع في تنفيذ العملية الإصلاحية وضرورة تأجيلها إلا أن الوزارة المعنية أسرت “في وقت قياسي” على إحداث تغييرات في الطورين الابتدائي والمتوسط في آن واحد ما سبب لنا اليوم كوارث – على حد تعبيره – على مستوى المنظومة التربوية في محتوى البرامج الجديدة أو محتوى الكتب في ظل الأخطاء الكبيرة الموجودة فيها.
كما يعتقد بأن القرار الذي اتخذ بشأن التقاعد النسبي (قبل أن يتدخل رئيس الجمهورية لتأجيله إلى 2019 ) سيكون له عواقب وخيمة على المدرسة الجزائرية خاصة وأن أكثر من 50ألف أستاذ سيغادرون المدرسة الجزائرية ما سينجر عنه تبعات سلبية على التلاميذ والمدرسة العمومية التي خرّجت أجيالا وأجيالا.
الأنباف : 2016 سنة القرارات الأحادية دون استشارة النقابات المستقلة
قال بلعيد مبارك نائب رئيس الاتحاد الوطني لعمال التربية والتكوين بأن سنة 2016 لم تكن في مستوى طموحات عمال القطاع خاصة في الجانب المهني والبيداغوجي نتيجة غياب الشراكة الحقيقية بين النقابة ووزارة التربية الوطنية، مضيفا أن علاقة الوصاية بممثلي العمال كانت مجرد لقاءات إعلامية وليست “تفاوضية”.
وأوضح بلعيد مبارك في تصريح لـ”الموعد اليومي”أن هناك مطالب ما تزال عالقة فيما تعلق بتطبيق المرسوم الرئاسي 14/266 المعدل للشبكة الاستدلالية للأجور والتي لا تراعي فيها القوانين الأساسية التصنيفات الجديدة سيما مع حاملي شهادة الدراسات التطبيقية والليسانس.
كما أوضح المتحدث أن اللجنة التقنية الخاصة بإعادة النظر في القانون الاساسي ما يزال عملها يسير سير “السلحفاة” ونحن على مشارف المرحلة الانتقالية 2017 خصوصا وأن المرحلة التي أتى بها القانون 12/240 كان يعطي آلية الإدماج والترقية.
ويعتقد المتحدث بأن الحكومة عن طريق الثلاثية التي انعقدت في 5جوان 2016 قررت بشكل أحادي إلغاء التقاعد النسبي دون شرط السن ودون استشارة النقابات المستقلة ومن بينها نقابة “الأنباف” مما دفعها إلى التنسيق مع باقي نقابات الوظيف العمومي “التكتل النقابي” حيث تم مراسلة الوزارة الاولى ورئيس الجمهورية من أجل توضيح الموقف من ثلاثة ملفات مهمة: ملف التقاعد وقانون العمل الجديد والقدرة الشرائية.
وأشار المتحدث إلى أن فضيحة البكالوريا التي مستها التسريبات كان موقف نقابة الانباف منها واضحا، حيث طالبت رسميا بإعادة هذا الامتحان خصوصا في المواد التي مسها التسريب مع المطالبة كذلك بفتح تحقيق لكشف المتسببين في العملية لتنوير الرأي العام، مبديا تأسفه لحد كتابة هذه الاسطر من عدم تبليغ نقابته بنتائج التحقيق التي أفضت الى اطلاق سراح المتهمين حيث تساءل بالقول : من هي الاطراف أو الجهات المتسببة في الفضيحة..؟
وشدد المتحدث ذاته على أن نقابة “الانباف” كانت تأمل خلال سنة 2016 أن يتم هيكلة التعليم الثانوي قبل هيكلة البكالوريا حيث عبرت عن موقفها منذ البداية من خلال اقتراح مكتوب سلم للوزارة التي لم تتجاوب معه .
خالد أحمد: عدم التحاق الأساتذة الجدد بمناصب عملهم نقطة سوداء في 2016
أكد خالد أحمد رئيس جمعيات أولياء التلاميذ بأن أهم نقطة سوداء سجلت في 2016 هي تلك المتعلقة بعدم التحاق الأساتذة الجدد المعينين حديثا من قبل وزارة التربية الوطنية بمناصب عملهم خاصة لدى فئة النساء اللواتي يشكلن 70بالمائة من إجمالي هؤلاء الأساتذة، الشيء الذي حتم على الوصاية الاستعانة بالأساتذة المستخلفين لمعالجة المشكلة.
وقال خالد أحمد في تقييمه العام للسنة المذكورة بأنها شهدت استقرارا وهدوءا عاما محسوسا انعكس على التلاميذ الذين لم يخرجوا إلى الشارع بهدف رفع المطالب الخاصة بالعتبة في الدروس والبرنامج الدراسي وبالتالي يمكن القول بأن 2016 هي سنة جيدة مقارنة بـ15سنة الفارطة.
وأوضح المتحدث بأن فضيحة شهادة البكالوريا التي وقعت في 2016 والتي تعد كذلك نقطة سلبية في قطاع التربية لا يمكن لها أن تحط بالمعنويات في ظل المجهودات المعتبرة التي يقوم بها القائمون على شؤون هذا القطاع الحساس خاصة وأن السنة الدراسية شهدت قفزة فيما تعلق بعدد ساعات الدراسة التي وصلت إلى 35 أسبوعا في جميع الأطوار التعليمية علاوة على أن الدخول المدرسي في حد ذاته كان مبكرا .
عاشور إيدير: “هشاشة” العمل البيداغوجي والقرارات التسلطية طغتا على سنة 2016
يرى عاشور إيدير الناطق الرسمي باسم نقابة “الكلا” بأن سنة 2016 كانت سنة ضعف تأطير وتجهيز المؤسسات التربوية التي ما تزال تعاني الكثير من النقائص التي أثرت سلبا على ظروف تمدرس التلاميذ خاصة تلاميذ الجنوب الذين يعانون من قساوة الطبيعة ونقص التجهيزات البيداغوجية.
ويعتبر عاشور إيدير في تصريح لـ”الموعد اليومي” بأن العمل النقابي في قطاع التربية خلال السنة المذكورة لم يرتق لما يصبو إليه ممثلو العمال الذين واجهوا صعوبات كبيرة في إسماع صوت الطبقة الشغيلة للحكومة وبالتحديد لوزارة التربية الوطنية التي اصطدمت منذ البداية باحتجاج الأساتذة المتعاقدين الذين انتفضوا ضد هشاشة العمل البيداغوجي.
ويعتقد المتحدث بأن الإصلاحات التربوية التي تسعى الوصاية لتنفيذها على أرض الواقع ما تزال بعيدة كل البعد عن ما هو مأمول نظرا للقرارات التسلطية التي تنتهجها هذه الأخيرة دون استشارة العمال خاصة في القضايا المصيرية التي تهمهم على غرار قانون العمل والتقاعد والقدرة الشرائية والقوانين التي تؤطرهم.
سناباست : لمسنا كثافة في النشاط النقابي والدفاع عن العمال والموظفين في 2016
يرى مزيان مريان رئيس النقابة الوطنية لأساتذة التعليم الثانوي والتقني أن النشاط النقابي في 2016 كان من ابرز السمات التي لاحظها الرأي العام المحلي بالنظر للتحديات التي رفعها ممثلو العمال الذين ما يزالون لحد اليوم يخوضون نضالا مستميتا للدفاع عن مطالب الموظفين في قطاع يعتبر من القطاعات الحساسة بالجزائر.
وتأسف مريان في تصريح أدلى به لــ” الموعد اليومي ” من قلة المكاسب التي كان يأمل النقابيون تحقيقها خلال هذه السنة خاصة في ظل الأزمة الاقتصادية والمالية وانعكاستها على القدرة الشرائية للمواطنين الشيء الذي دفع ممثلي العمال إلى الانخراط في مسعى التكتل النقابي كأحد أهم المرتكزات للوقوف أمام الظروف المهنية والبيداغوجية والاجتماعية التي يشتكي منها هؤلاء العمال بشكل عام.
وشدد المتحدث على أن النضال النقابي سيظل متواصلا خاصة فيما تعلق بالتقاعد النسبي متسائلا بالقول: كيف لموظف يعمل 40سنة من حياته ليضمن تقاعدا بنسبة 80بالمائة في وقت يتعين عليه العمل لمدة 32سنة فقط، آملا من رئيس الجمهورية التدخل ثانيا لتعديل الكفة لصالح العمال البسطاء الذين تقلقهم إجراءات التقاعد الأخيرة.