إن نصرة الرسول صلى الله عليه وسلم واجب مجتمعي وإنساني، فالسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار صبروا على الأذى ابتغاء مرضاة الله، وفداء لرسول الله وتحملوا العذاب ولا أن يشاك بشوكة، ولما كان حصار الشعب، عاش مع عشيرته وأتباعه ثلاث سنوات من الفقر والجوع، ورغم ذلك كله كان للدور المجتمعي من المسلمين الأوائل، ونصرتهم للنبي صلى الله عليه وسلم بمالهم، وأرواحهم، أثره وبركته، فكانت الهجرة الأولى إلى الحبشة، ثم الهجرة العظيمة إلى المدينة في عمل وتعاون مجتمعي لم يشهد له التاريخ مثيلا، فكان الفتح الأعظم لمكة، ودخل الناس في دين الله أفواجا بمقومات الإيمان والثبات والتواصي بالصبر.
النصرة المجتمعية هي عمل متكامل أساسه الإتباع وانتهاج هدي الكتاب والسنة، والعمل، لا بالاستجابة لاستفزازات أعدائه فالنبي والصحابة تعاملوا مع المشركين والمنافقين وأهل الكتاب بالصبر والحلم وعدم النزول لمستواهم الأخلاقي بالأفعال المتشنجة والممارسات غير المشروعة. فعندما قال رأس المنافقين عبد الله بن أبي ” أما والله لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل”، فقام عمر فقال ” يا رسول الله، دعني أضرب عنق هذا المنافق”، وفي لفظ: “ألا تقتل هذا الخبيث” فقال “دَعْه، لا يتحدث الناس أن محمدًا يقتل أصحابه”.
النصرة المجتمعية مبناها على تعظيم طاعة النبي صلى الله عليه وسلم والاقتداء والتأسي به قال تعالى “وَمَا آتَاكُمْ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ “. وقال تعالى ” لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا “. وفي الصحيحين أنه صلى الله عليه وسلم قال ” كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى” قالوا: يا رسول الله ومن يأبى؟ قال “من أطاعني دخل الجنة ومن عصاني فقد أبى”. فدور المجتمع ترجمة هذه المحبة لإتباع صادق وعميق، يقول تعالى ” قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ” آل عمران: 31.