في أجواء مفعمة بالاعتزاز الوطني والوفاء لتضحيات الأجداد، نظمت القنصلية العامة الجزائرية بمونتريال، ندوة تاريخية متميزة تحت عنوان: “8 ماي 1945: ذاكرة، تاريخ ومستقبل”، وذلك إحياء لليوم الوطني للذاكرة الذي يخلد واحدة من أبشع المجازر التي ارتكبها الاستعمار الفرنسي في حق الشعب الجزائري الأعزل.
وافتتح الندوة القنصل العام للجزائر بمونتريال، السيد محمد زرقط، بكلمة مؤثرة استعرض خلالها بشاعة الجرائم المرتكبة في أحداث 8 ماي 1945، مؤكدا أن هذه المآسي لا تزال محفورة في الذاكرة الوطنية كجرح لا يندمل، وشاهدة على همجية استعمار لم يكن يحمل من “التمدن” سوى الاسم. كما أشار إلى أن التحديات الراهنة التي تواجه الجزائر تفرض على أبنائها، داخل الوطن وخارجه، الحذر من مؤامرات الحاضر والتماسك في وجه حملات التشويه والطمس التي تستهدف التاريخ الوطني. وعقب ذلك مداخلة ثرية للدكتور ميلود شنوفي، أستاذ العلاقات الدولية في الكلية الحربية للقوات المسلحة الكندية بتورونتو، قدّم فيها قراءة تحليلية معمّقة لأحداث 8 ماي 1945، متوقفًا عند الخلفيات السياسية والدولية التي سبقت المجازر، وطبيعة الرد الاستعماري العنيف على المطالب السلمية للجزائريين، وكذا الصمت الدولي الذي رافق هذه الفظائع. وبين المحاضر كيف ساهمت هذه الأحداث في بلورة وعي وطني جمعي كان منطلقًا حاسمًا لثورة أول نوفمبر المجيدة. وقد شهدت الندوة حضورا نوعيا ضم أفرادا من الجالية الجزائرية، إلى جانب نخبة من الشخصيات الأكاديمية، وفاعلين مجتمعيين، ما أضفى على اللقاء طابعا فكريا وتاريخيا متميزا، يعكس عمق ارتباط الجزائريين المقيمين بالخارج بتاريخ وطنهم الأم وحرصهم على نقله للأجيال الصاعدة. واختتمت الندوة بتكريم رمزي لأرواح الشهداء، في لحظة امتزجت فيها مشاعر الفخر بالحزن، والتأكيد الجماعي على أهمية صون الذاكرة الوطنية وترسيخها كأداة مقاومة للطمس والنسيان، وكرافعة لبناء مستقبل وطني راسخ الهوية وموصول بالجذور. كما تأتي هذه المبادرة، في إطار الجهود المتواصلة للقنصلية الجزائرية في مونتريال لتعزيز التواصل مع الجالية، وإحياء المحطات التاريخية الكبرى التي صنعت الوعي الوطني ووضعت الجزائر على درب الحرية والاستقلال.
إيمان عبروس


