ينطلق الأمل من الإيمان بالقدر، “واعلم أن ما أخطأك لم يكن ليصيبك، وما أصابك لم يكن ليخطئك” رواه الإمام أحمد، فالمؤمن بالقدر لا يبكي على اللبن المسكوب؛ فلا تحطمه المصائب والابتلاءات؛ فهو يرجو ثوابها حتى يُرفَع بها درجات، وتُكفَّر عنه الخطيئة. ينطلق الأمل من اليقين في الله ” وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ” آل عمران: 139، فمع الإيمان لا يأس مع الأمل لا حزن مع اليقين لا قنــوط. في أشد الظروف التي مرت بها السيدة مريم، يأتيها نداء الأمل ليبعث فيها الحياة عندما تمنَّتِ الموت ” فَأَجَاءَهَا الْمَخَاضُ إِلَى جِذْعِ النَّخْلَةِ قَالَتْ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنْتُ نَسْيًا مَنْسِيًّا فَنَادَاهَا مِنْ تَحْتِهَا أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا “. فمن الصور المشرقة للأمل ما يلي:
– اليسر الذي يصاحب العسر؛ فيزول العسر، ويبقى اليسر؛ ” فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا ” الشرح: 5، 6. فقد أخبر تعالى أن مع العسر يوجد اليسر، ثم أكد هذا الخبر؛ فقد خرج النبي صلى الله عليه وسلم يومًا مسرورًا فرِحًا وهو يضحك ويقول ” لن يغلب عسرٌ يُسْرَيْنِ، لن يغلب عسر يسرين؛ ” فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا ” الشرح: 5،
– الشفاء الذي يعقب المرض ” وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ ” الشعراء: 80؛ يقول: وإذا سقم جسمي واعتل، فهو يبرئه ويعافيه، فالمؤمن لا ييأس إن مرض؛ فهو يرجو أجر المرض، ويسأل الله العافية؛ قال النبي صلى الله عليه وسلم ” ما من مسلم يصيبه أذًى، مرض فما سواه، إلا حطَّ الله له سيئاته، كما تحط الشجرة ورقها”.
– الأمل في الذرية بعد العقم: المؤمن كله أمل في كرم الله؛ فهو سبحانه الوهاب، فيقتدي المسلم بالأنبياء، ويسأل رب الأرض والسماء؛ ” وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَى رَبَّهُ رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنْتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ ” الأنبياء: 89، 90.
– الأمل في الأمن بعد الخوف والنصر بعد الهزيمة ” وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ فِي الْأَرْضِ تَخَافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآوَاكُمْ وَأَيَّدَكُمْ بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ” الأنفال: 26، تذكير من الله عز وجل لأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبشرى لكل من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.