قال تعالى “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا أَنْصَارَ اللَّهِ كَمَا قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيِّينَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ فَآمَنَتْ طَائِفَةٌ مِنْ بَنِي إِسْرائيلَ وَكَفَرَتْ طَائِفَةٌ فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ” هيا بنا بعد أن نستعرض ما جاء شفى هذا النداء الإلهي العظيم إذ قال تعالى: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا” أي بالله رب وبالإسلام دينا وبمحمد نبيا ورسولا فحيوا بذلك وأصبحوا أهلا للنداء وما يؤمرون به وينهون عنه. “كُونُوا أَنْصَارَ اللَّهِ”، إي التزموا بنصرة ربكم وإلهكم الحق الذي لا رب غيره ولا إله سواه، التزموا بنصرته في دينه ونبيه وأوليائه المؤمنين المتقين فقولوا كما قال الحواريون لما دعاهم عيسى عبد الله ورسوله لنصرته قائلا: “مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ”؟ أي من ينصرني في حال كوني متوجها إلى الله أنصر دينه وأولياءه فأجابوا قائلين “نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّه” . فكونوا أنتم أيها المسلمون مثلهم في نصرة دين الله ونبيه وعباده المؤمنين.
وقد أجابوا رضوان الله تعالى عليهم. “خَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ” . فلم يجيبوا ونحن مع الأسف منهم وأسفاه على ما فرطنا في جنب الله. وقوله تعالى في ختام هذا النداء: “فَآمَنَتْ طَائِفَةٌ مِنْ بَنِي إِسْرائيلَ وَكَفَرَتْ طَائِفَةٌ فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ” . فقوله “فَآمَنَتْ طَائِفَةٌ” أي بعيسى وما جاء به من الحق والهدى، وهو أن عيسى عبد الله ورسوله، وليس بإله ولا ابن إله، ولا ثالث ثلاثة مع الله، وليس هو بساحر ولا دجال ولا مفتر كذاب، ولا هو بابن زنى. وكفرت طائفة أخرى فاليهود قالوا عيسى ابن زنى وقالوا ساحر وكفروا به وبما جاء به واحتالوا على المؤمنين الموحدين من أتباع عيسى فأفسدوا عقائدهم وحرفوا دينهم مكرا بهم وحسدا لهم على فوزهم بالدين الحق والولاية الإلهية حرموا هم منها والعياذ بالله.
العلامة أبو بكر الجزائري