قال تعالى “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسَعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ”. اذكر أيها القارئ الكريم أن الله تعالى ينادى عباده المؤمنين بعنوان الإيمان؛ لأن المؤمنين أحياء بإيمانهم يسمعون النداء ويجيبون من ناداهم لكمال حياتهم. وها هو ذا نادى عباده المؤمنين من هذه الأمة المسلمة له وجوهها وقلوبها فيقول: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا” بي وبرسولي وبلقائي وما عندي لأوليائي، وما لدى لأعدائي “إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ” أي إذا أذن المؤذن قائلا حي على الصلاة، وذلك من يوم الجمعة وهو اليوم الفاضل الذي فازت به أمة الإسلام وحرمه اليهود لعنادهم وحرمه النصارى لجهلهم وضلالهم؛ إذ هو أفضل الأيام خلق الله أدم وأدخله الجنة وأخرجه منها، وفيه تقوم الساعة. وفيه ساعة لا يوافقها مؤمن يصلى ويسأل الله شيئا إلا أعطاه إياه ويقول فيه الرسول ﷺ: “من اغتسل يوم الجمعة غسل الجنابة ثم راح في الساعة الأولى فكأنما قرب بدنة -بعيرا- ومن راح في الساعة الثانية فكأنما قرب بقرة، ومن راح في الساعة الثالثة فكأنما قرب كبشا أقرن، ومن راح في الساعة الرابعة فكأنما قرب دجاجة،ومن راح في الساعة الخامسة فكأنما قرب بيضة، فإذا خرج الإمام أي ليرقى المنبر ويخطب الناس حضرت الملائكة يستمعون الذكر”. وقوله تعالى: “فَاسَعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ” أي امشوا إلى أداء صلاة الجمعة بعد سماع الخطبة. وهذا المشي يسبقه أمور منها الغسل، ولبس الثياب الجديدة أو النظيفة الخاصة بها، ومنها مس الطيب ومنها السواك. وهذا الإمام أحمد يروى في مسنده الصحيح الحديث التالي. يقول ﷺ: “من اغتسل يوم الجمعة، ومس من طيب أهله، إن كان عنده ولبس من أحسن ثيابه ثم خرج حتى يأتي المسجد فيركع ما بدا له، ولم يؤذ أحدا ثم أنصت إذا خرج إمامه حتى يصلى كانت كفارة لما بينها وبين الجمعة الأخرى”.
العلامة أبو بكر الجزائري