نداءات الرحمان لأهل الإيمان.. في وجوب التثبت بالحكم قولا وفعلا

نداءات الرحمان لأهل الإيمان.. في وجوب التثبت بالحكم قولا وفعلا

قال تعالى “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْأِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُولَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَنِعْمَةً وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ”. اعلم أيها القارئ أن هذا النداء الإلهي كان لسبب عجيب، وهو أن النبي ﷺ بعث الوليد بن عقبة بن أبى معيط إلى بنى المصطلق ليأتي بزكاة أموالهم، وكان بينهم بين أسرة الوليد عداء في الجاهلية، فذكره الوليد وهاب أن يدخل عليهم ديارهم، وهذا من وساوس الشيطان، فرجع وستر على نفسه من الخوف الذي أصابه فذكر أنهم منعوه الزكاة وهموا بقتله فهرب منهم، فغضب رسول الله ﷺ وهم بغزوهم. وما زال كذلك حتى أتى وفد منهم يسترضى رسول الله ﷺ ويستعتب عنده خوفا من أن يكون قد بلغه عنهم سوء فأخبروه بأنهم على العهد، وأن الوليد قد رجع من الطريق ولم يصل إليهم، وبعث الرسول ﷺ خالد بن الوليد من جهة فوصل إليهم قبل المغرب فإذا بهم يؤذنون، ويصلون المغرب والعشاء فعلم أنهم لم يرتدوا وأنهم على خير والحمد لله. وجاء بالزكاة وأنزل الله تعالى هذه الآيات “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ” أي ذو فسق وهو المرتكب لكبيرة من كبائر الذنوب، والنبأ الخبر ذو الشأن، “فَتَبَيَّنُوا” أي تثبتوا قبل أن تقولوا أو تحكوا “أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ” أي خشية إصابة قوم بجهالة منكم “فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ” أي فتصبحوا على فعلكم الخاطئ نادمين متأسفين.

 

العلامة أبو بكر الجزائري