نداءات الرحمان لأهل الإيمان.. في وجوب الاستئذان

نداءات الرحمان لأهل الإيمان.. في وجوب الاستئذان

قال تعالى “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فِيهَا أَحَداً فَلا تَدْخُلُوهَا حَتَّى يُؤْذَنَ لَكُمْ وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكَى لَكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ مَسْكُونَةٍ فِيهَا مَتَاعٌ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا تَكْتُمُون” .إنه نظرا إلى خطر الرمي بالفاحشة، وخطر فعلها وحرمة ذلك بين المؤمنين شرع الله تعالى الاستئذان عند دخول البيوت فنادى عباده المؤمنين قائلا: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ” أي يا من آمنتم بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد نبيا ورسولا، “لا تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا” والاستئناس هو الاستئذان، لأن الاستئذان لا يكون إلا من إنسان، ولا يكون من حيوان محال فلذا أطلق الاستئناس وأريد به الاستئذان، وكفيته أن يقف المرء إلى جانب باب المنزل عن يمينه أو عن شماله ويقول: ” السلام عليكم أأدخل ” ثلاث مرات فإن أذن له في الدخول دخل وإلا انصرف راضيا غير ساخط ولا غاضب. وقوله تعالى: “ذَلِكُم خَيْرٌ لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ” أي الاستئذان والسلام على أهل البيت قبل الدخول خير للمستأذن ولأهل البيت الذين يريد أن يدخل عليهم؛ إذ علة وجوب الاستئذان هي أن لا يطلع المرء على عورة أخيه، وناظر العورة يتأذى كما يتأذى صاحب العورة سواء بسواء فلذا كان الاستئذان خيرا للجانبين وهو ما أراده الله تعالى بقوله “ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ” أي تذكرون أنكم مؤمنون، وأن الله تعالى أمركم بالاستئذان حتى لا يحصل لكم ما يضركم، فتبقى لكم طهارة نفوسكم وسمو أرواحكم، وإن استأذن المرء ولم يجد في البيت أحدا فلا يدخل حتى يوجد من يأذن له بالدخول أو عدمه. وهذا معنى قوله تعالى: “فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فِيهَا أَحَداً فَلا تَدْخُلُوهَا” ، وإن وجد في البيت أحد، وقال للمستأذن: ارجع فإن عليه أن يرجع ولا يسأل لماذا لم يأذن له بالدخول. لقوله تعالى: “وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا”.

العلامة أبو بكر الجزائري