نداءات الرحمان لأهل الإيمان.. في وجوب العدل في الشهادة

نداءات الرحمان لأهل الإيمان.. في وجوب العدل في الشهادة

قال تعالى “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا”. اعلم أيها القارئ الكريم أن هذا النداء الإلهي له شأن عظيم، إذ هو يوجب العدل في القضاء، والشهادة، والقول، والعمل، والاعتقاد، فعلى من قضى بين اثنين أن يعدل في حكمه، وأن من شهد أن يعدل في شهادته، وأن من قال مخبرا أو آمرا، أن يعدل في قوله أو أمره، إذ على العدل قامت السموات والأرض وها هو ذا الرب ينادى المؤمنين ويأمرهم قائلا: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ” أي بالعدل هذا في الحكم بين الناس. “شُهَدَاءَ لِلَّهِ” أي أدوا الشهادة لله؛ لأن الشهادة على عبده كالشهادة له. إذا أدوها عادلة لا حيف فيها ولا جور، ولو كانت الشهادة على أنفسكم لأنكم عبيد الله فلا تظلموا أنفسكم؛ لأن ذلك لا يرضاه سيدكم لكم، وظلم النفس يكون باقتراف الذنب بالحيف في الشهادة وعدم العدل فيها إذا فاعدلوا ولو كانت الشهادة على أنفسكم؛ أو الوالدين والأقربين، فليشهد أحدكم على نفسه بأنه فعل أو ترك، وعلى أبيه وأمه وأقربائه، أنهم فعلوا أو قالوا أو أخذوا أو تركوا، فلا تحمله طاعة والديه، وواجب الإحسان إلى أقربائه، أن يكتم الشهادة عليهم أو يبدلها خائفا فيها جائرا ولا تراعوا في آداء الشهادة فقرا ولا غنى كما لم تراعوا قربا أو بعدا، فالله أولى بالفقراء بالإحسان إليه، وأولى بالغنى أن يأخذ منه غناه. فلا يميلن أحدكم مع الفقير رحمة به، ولا مع الغنى طمعا فيه، وليوكل ذلك لله تعالى، فهو أولى به. بعد هذا الإرشاد والتوجيه إلى إقامة العدل في القضاء والشهادة. نهى تعالى المؤمنين عن إتباع الهوى فقال: “فَلا تَتَّبِعُوا الْهَوَى” والهوى هو ميل النفس إلى ما تحبه وما يزينه الشيطان لها، فترغب فيه وتطلبه كحب السمعة والمال والجاه واللذات. فنهى تعالى عباده المؤمنين عن إتباع الهوى حتى لا يجوروا في قضائهم وشهاداتهم.

العلامة أبو بكر الجزائري