قال تعالى “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْساً إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ” .اعلم أيها القارئ الكريم أن هذا النداء الإلهي له خطورته وشأنه العظيم فقد نادى الرب تبارك وتعالى عباده المؤمنين لكمال حياتهم بإيمانهم ناداهم “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا” بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد نبيا ورسولا، ناداهم ليقول لهم ناهيا لهم: “لا تُلْهِكُمْ” أي لا تشغلكم أموالكم كثرت أو قلت وأي نوع كان من المال سواء كان مال تجارة أو صناعة أو زراعة أو غير ذلك لا تشغلكم عن عبادة الله تعالى وسواء كانت العبادة صلاة أو حجا أو جهادا، ولا يلهكم أولادكم أيضا عن عبادة الله تعالى لا عن صلاة ولا حج ولا جهاد ولا عن ذكر الله تعالى، وكل عبادة هي ذكر لله عز وجل، إذ لا تخلو عبادة من ذكر الله حتى الصيام فإنه ذكر لله تعالى بالقلب، إذ لولا ذكر الله لأكل الصائم أو شرب. وقوله تعالى: “وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ” أي بأن ألهته أمواله أو أولاد عبادة الله تعالى التي تعبد بها عباده من أداء الفرائض والواجبات على اختلافها، فأولئك البعداء هم الخاسرون يوم القيامة بحرمانهم من الجنة ونعيمها، ووجودهم في دار العذاب حيث لا أهل ولا مال ولا ولد. كما قال تعالى: “قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلا ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ” .وقوله تعالى لهم: “وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ” أي من مال وعلم وكل خير رزقه العبد من الجاه فإنه ينفق منه في قضاء حاجات من يعجز عن قضائها إلا بالواسطة وإن كان المطلوب الأول في هذا الأمر أداء الزكاة والصدقات الواجبة كالجهاد والإنفاق المتعين كالإنفاق على الوالدين والزوجة والولد.
العلامة أبو بكر الجزائري