قال تعالى “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلامٌ وَأَعَدَّ لَهُمْ أَجْراً كَرِيماً” .اعلم أيها القارئ أن هذا النداء الكريم من رب رحيم يوجه إلى المؤمنين الصادقين، وجهه إليهم ربهم ليعلمهم ما يزيد به إيمانهم ونورهم، ويحفظون به من عدوهم وعدو أبيهم، إبليس عليه لعائن الله. ألا إنه ذكر الله تعالى: إذ قال لهم: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً” أي لا حد له ولا حصر، إذ هو الطاقة التي تساعد على الحياة الروحية “وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً” البكرة من طلوع الفجر إلى الضحى، والأصيل من الزوال إلى غروب الشمس، وقد بين الرسول صلى الله عليه وسلم أنواع التسبيح منها: سبحان الله وبحمده مائة مرة، وأن من سبح هذا التسبيح بهذا العدد غفر له ما تقدم من ذنبه، إن قالها بعد الصبح أو بعد العصر فاز بهذا الأجر، وهو مغفرة ذنوبه وأعظم به من أجر، ومنها لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شئ قدير مائة مرة. وذكر صلى الله عليه وسلم أن من أتى بهذا الذكر كان كمن أعتق عشر رقاب وكتبت له مائة حسنة وحطت عنه مائة خطيئة، وظل يومه ذلك كله في حرز من الشيطان، ولم يأت أحد بمثل ما أتى به من الأجر، إلا من قال مثله أو زاد. ومنها التسبيح دبر الصلوات الخمس نحو سبحان الله ثلاثا وثلاثين والحمد لله ثلاثا وثلاثين، والله
أكبر ثلاثا وثلاثين فهذه تسع وتسعون تسبيحة وختام المائة لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شئ قدير. ومما يدل على أفضلية ذكر الله تعالى قول النبي صلى الله عليه وسلم: ” ألا أنبئكم بخير أعمالكم وأزكاها عند مليككم وأرفعها في درجاتكم وخير لكم من إعطاء الذهب والورق١ وخير لكم من أن تلقوا عدوكم فتضربوا أعناقهم ويضربوا أعناقكم قالوا: وما هو يا رسول الله؟ قال: ذكر الله عز وجل “.
العلامة أبو بكر الجزائري