نداءات الرحمان لأهل الإيمان.. في الأمر بإصلاح المؤمن نفسه

نداءات الرحمان لأهل الإيمان.. في الأمر بإصلاح المؤمن نفسه

قال تعالى “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ”. اعلم أيها القارئ الكريم أن هذا النداء الإلهي الرحيم الموجه إلى عباد الله المؤمنين أي المصدقين بالله ربا، لا رب غيره، وإلها لا إله سواه، وبالإسلام دينا لا دين يقبله الله تعالى غيره، وبمحمد نبيا ورسولا من عند الله، هؤلاء المؤمنين حقا وصدقا، يناديهم الجبار ﷻ، وعظم سلطانه رحمة بهم، وإحسانا إليهم فيقول لهم: “عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ” أي الزموا أنفسكم هدايتها وإصلاحها، فاحفظوها من الوقوع في الذنوب والآثام لتبقى طاهرة زكيه محلا لرضى الرحمن. ولتعلم يقينا أنه لا يضرنا ضلال من ضل إذا نحن اهتدينا، لقول ربنا في إرشاده لنا “لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ” . إذا نحن أمرنا بالمعروف من تركه بيننا، ونهينا عن المنكر من ارتكبه فينا ونحن نراه ونشاهده إذ ليس من الهداية الكاملة المنجية من العذاب والمسعدة للعباد أن لا نأمر بالمعروف ولا ننهى عن المنكر إذ الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر صفة لازمة من صفات المؤمنين الصادقين في إيمانهم والمؤمنات الصادقات. ولنقرأ قوله تعالى في سورة التوبة في وصف المؤمنين بحق والمؤمنات بصدق؛ إذ قال: “وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ” فلنذكر قوله: “بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ” فهل من الولاية الواجبة التي هي الحب والنصرة أن يرى المؤمن أخاه تاركا معروفا يعاقب على تركه، ولا يأمره به أو يرى أخاه ووليه منغمسا في منكر يخبث نفسه، ويسخط الله تعالى عليه ويتركه؟ وكيف والله يقول في صفاته: “يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ” والرسول يقول: “من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان”.

العلامة أبو بكر الجزائري