قال تعالى “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَنْ يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ” . ينادى عباده المؤمنين بهذا النداء: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا” ليأمرهم بذكر نعمة عظيمة أنعم بها عليهم، هي أنه ما من مؤمن ولا مؤمنة من يوم تلك النعمة إلى يوم القيامة إلا وهو مأمور بشكر الله تعالى على تلك النعمة، والشكر متوقف على ذكر النعمة بعد معرفتها فلذا قال لهم: “اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ” . وبين موقعها، وجلى لهم حقيقتها، فقال عز من قائل: “إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَنْ يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ” وقد تكررت محاولة قتل نبيهم ﷺ عدة مرات وفى كل مرة يكف الله أيدي الخادعين الماكرين، فلم يصلوا بالأذى لرسول الله ﷺ بالضرب أو القتل ومن تلك المرات محاولة غورث بن الحارث الواردة في الصحيح، وهى أن غورث الأعرابى رأى النبي ﷺ قد نزل منزلا وتفرق أصحابه عنه يستظلون بالأشجار للاستراحة من عناء الغزو والتعب والسير في سبيل الله وقد علق النبي ﷺ سيفه بشجرة واستراح كما استراح أصحابه وإذا غورث الأعرابي يأتي إلى النبي ﷺ وأخذ سيفه من الشجرة وسله من غمده وأقبل على الرسول ﷺ وقال له: من يمنعك منى؟ فقال الرسول ﷺ الله، قال الأعرابي: مقالاته ثلاث مرات والرسول ﷺ يرد عليه بقوله: الله فسقط السيف من يد غورث وجلس إلى النبي ﷺ ساكتا لا يتكلم والرسول ﷺ معرض عنه ودعا النبي ﷺ أصحابه فأخبرهم خبر الأعرابي وهو جالس إلى جنبه ولم يعاقبه ولعل الأعرابي كان مبعوثا من قوم مشركين ليقتلوا النبي ﷺ، فهذه نعمة وهى نعمة نجاة نبيهم من القتل على أيدي أعدائه وأعدائهم، وهى أكبر نعمة شملت المؤمنين عامة من عهده ﷺ إلى يوم القيامة.
العلامة أبو بكر الجزائري