نداءات الرحمان لأهل الإيمان.. في الأدب مع رسول الله

نداءات الرحمان لأهل الإيمان.. في الأدب مع رسول الله

قال تعالى “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انْظُرْنَا وَاسْمَعُوا وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ”.هذا نداء الله تعالى لعباده المؤمنين، ناداهم بعنوان الإيمان؛ لأن المؤمن حي بإيمانه، يسمع ويعقل ويقدر على الفعل والترك بخلاف الكافر، فإنه لا يسمع ولا يعقل ولا يفعل إن أمر، ولا يترك إن نهي، واعلم أيها القارئ لهذا النداء أن الله تعالى إذا نادى عباده المؤمنين إنما يناديهم ليأمرهم بما فيه سعادتهم وكمالهم، أو لينهاهم عما فيه شقاؤهم ونقصانهم أو ليبشرهم، أو ينذرهم، أو ليعلمهم ما ينفعهم، وقد نادى الله تعالى عباده المؤمنين في هذه الآية لينهاهم عن كلمة راعنا، ويرشدهم إلى كلمة انظرنا؛ وذلك لأن المنافقين من اليهود كانوا يقولون لرسول الله راعنا وهى في لغتهم العبرية بمعنى الاستهزاء والسخرية، فكانوا بذلك يستهزؤون بالرسول صلى الله عليه وسلم ويسخرون منه، والاستهزاء بالرسول والسخرية منة كفر، فنهى الله تعالى المؤمنين أن يقولوا للرسول صلى الله عليه وسلم إذا جلسوا إليه يتعلمون الكتاب والحكمة راعنا وليقولوا بدلها وهى في العربية بمعناها أنظرنا بمعنى أمهلنا، وفى هذه الآية الكريمة بيان وجوب الأدب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وحرمة الإساءة إليه بقول أو عمل هذا مع الجهل وعدم العلم، أما مع العلم بأن اللفظة أو الحركة فيها إساءة أدب مع رسول الله فإن ذلك هو الكفر بعينه، والعياذ بالله تعالى، وكما أن إساءة الأدب مع رسول الله محرمة وقد تكون كفرا مع التعمد والقصد، فإن إساءة الأدب مع المربي والمعلم والمرشد محرمة أيضا، كما أن عيب المؤمن أو احتقاره أو الهزء به أو السخرية منه محرمة وفاعلها فاسق إن لم يتب من ذلك، فلنحذر إساءة الأدب مع الله ورسوله صلى الله عليه وسلم.

 

العلامة أبو بكر الجزائري