احتضنت جامعة “محمد بوضياف” بولاية المسيلة، بحر هذا الأسبوع، ندوة علمية بعنوان “نحو إستراتيجية إعلامية لتشكيل جبهة وطنية لمجابهة الحملات العدائية على الجزائر”، من تنظيم مخبر بحوث ودراسات في الميديا الجديدة، حضر فعالياتها العديد من الأساتذة والدكاترة الجامعيين الذين تفاعلوا مع الحدث، وذلك بالنظر للحملة الشرسة التي تتعرض لها الجزائر مؤخرا من طرف أعداء النجاح والمثبطين الساعين إلى المساس بالبلد
ووحدته وأمنه واستقراره.
عميد كلية العلوم الاجتماعية والإنسانية “تقي الدين يحيى”، هنأ من خلال المداخلة التي ألقاها، الصحف والمواقع الإلكترونية بمناسبة يومهم الوطني الذي اعتبره أول تصريح رسمي حتى يثبت عكس ذلك ويتم ترسيم يوم 22 نوفمبر كيوم وطني لهم، باعتبار أن مخبر بحوث ودراسات الميديا الجديدة قام باقتراحه كيوم وطني للصحافة الإلكترونية ليكون فرصة للافتخار والاعتزاز والتقييم لنشاط الصحافة الإلكترونية بالجزائر.
وأكد السيد تقي الدين أن اختيار موضوع بهذه المناسبة لم يكن اعتباطيا، ولكن جاء نتيجة الحاجة الملحة لسد الفراغ الحقيقي الموجود في الوعي الجمعي الكلي، لدى كل المشتغلين في حقل الإعلام وحتى لدى كل أصناف الجمهور.
وحاول عميد الكلية من خلال مداخلته تبسيط بعض المفاهيم المتعلقة بالاستراتيجية الإعلامية التي يتخذ من خلالها موضوع الندوة منحا إجرائيا تطبيقيا عمليا، مؤكدا أنه لا يمكننا الخوض في بعض الأمور النظرية، بل السعي لرسم هذه الاستراتيجية وفقا لقراءة الواقع وما هو موجود حاليا من إمكانيات مادية وبشرية وما يوجد في البيئة الاعلامية من مدخلات ومخرجات، وهل سنتمكن من رسم هذه الاستراتيجية المحددة المكان والمعينة الزمان.
كما حاول طرح سيناريو مرتبط باستراتيجية إعلامية لبناء جبهة داخلية وطنية تنطلق من أربع اشكاليات أساسية تتمحور حول الفائدة من وجود هذه الجبهة الذي يقودنا للحديث عن الحرب الناعمة والحرب السيبرانية، وماذا ينقصنا لتكوين جبهة داخلية في ظل التطور التقني الكبير والرهيب الحاصل والتطبيقات والمنصات الرقمية الكثيرة الموجودة، وهل لدينا الإمكانيات البشرية والمادية لبناء هذه الجبهة الداخلية مع وجود جمهور يعتمد على المصادر الخارجية، وما هي أبرز معالم الاستراتيجية الإعلامية في ظل الانسياب المعلوماتي الرهيب، أين أصبح الكل يعطي المعلومة ومصدرا لها.
ولفت الى أنه ينبغي علينا أن نجيب على هذه الإشكاليات الأساسية من أجل طرح بديل حقيقي أو لسد فراغ حقيقي مبني على رؤى نظرية قابلة للتطبيق.
وكشف ذات المتحدث وفي خضم كل هذه المعطيات التي نعيشها أنه تنقصنا العديد من الأمور من أجل انشاء هذه الإستراتيجية الإعلامية الكفيلة بمجابهة الحملات العدائية المحاكة ضد الجزائر، وفي مقدمتها عدم وجود منظومة قانونية تحفز على انشاء الإعلام والقضاء على الفوضى الحاصلة حاليا، إلى جانب الوسائط الإعلامية الموجودة التي لا ترتقي إلى أن تنقل إعلاما حقيقيا، كما ينقص التعلم في تحليل الإعلام.
وقال شارحا: “نحن للأسف نحلل مضامين الإعلام ونتعلم تحليل خطاب الإعلام، لكننا لم نتعلم تحليل المعلومة، وما زال ينقصنا استقرار حيز الجبهة الداخلية في بيئة الاعلام وعدم وجود حيز ثابت لبناء هذه الجبهة داخل المضمون الإعلامي السمعي والبصري والمكتوب، كما نفتقد بحسبه لدراسات استشرافية في قطاع الاعلام في ظل وجود جهود اعتباطية وفردية قد تكون على خطأ أو صواب”.
وفيما يخص مشكل توفر الإمكانيات المادية والبشرية لبناء هذه الاستراتيجية، فقد أكد المتحدث متأسفا أن الاحصائيات غير واضحة والمجهودات غير منظمة في ظل وجود رغبة واحدة تمثلها مؤسسة الجيش الوطني الشعبي، حيث لا توجد رغبة جماعية، وكذلك عدم وجود انخراط جماعي عن كل مؤسسات المجتمع المدني.
واختتم عميد الكلية مداخلته القيمة بالحديث عن أهم معالم هذه الاستراتيجية التي تستدعي وجود إجراء، والهدف من وجوده والمؤشر من تحقيق هذا الإجراء والمدة الكافية لتحقيقه والجمهور المستهدف من إجراء هذه الاستراتيجية، التي تم تقسيمها إلى خمسة إجراءات أساسية تعتمد على تشجيع الإعلام الدولي من خلال تعزيز صورة الإعلام الجزائري بامتداد نشاط وكالات الأنباء والتركيز على الإعلام الإخباري والتي تستهدف جمهور وسائل الإعلام والصحفيين.
ويتمثل الإجراء الثاني في حيز الجبهة واعطاء المساحة الإعلامية الكافية مبنية على استراتيجيات الإقلاع بالجبهة من خلال تغطيات صحفية ذات علاقة وبرامج وأركان ثابتة. والمؤشر الثالث يتعلق باستباقية توجيه الرأي العام وبناء قضايا ذات بعد وطني والتركيز عليها في وسائل الإعلام والتركيز على قضايا الانتماء والوعي وصناعة قادة رأي جدد بإمكانهم تعزيز روح هذه الجبهة، والذهاب إلى انشاء مؤسسات منصات التواصل الاجتماعي.
أما المؤشر الرابع فيتمثل في انشاء مراكز اليقظة الاعلامية التي تسهر على رد كافة الهجمات والهفوات التي قد تطرأ في أي لحظة.
الدكتور “محمد دحماني” مدير مخبر بحوث ودراسات الميديا الجديدة، أكد في مداخلته التي ألقاها أن الدور المنوط بهم يستدعي الاشتغال حول الظواهر الإجتماعية والانسانية والإعلامية والاتصالية بصفة خاصة كمهمة أساسية، وفي مقدمتها كما عبر عنها الحملات الدعائية العدائية التي تستهدف المساس بالجزائر، مؤكدا أن اختيار لفظ مجابهة بدل تصدي كان متعمدا.
وقال موضحا: “التصدي يعني أننا في حالة دفاع وهذا الأمر يتنافى معنا كجزائريين كوننا لسنا في موقف ضعف ونملك الأدوات والسلاح الكفيل بمجابهة ومكافحة ومحاربة كل من يحاول المساس بوحدة البلد وأمنها”.
واستدل بما يحدث بين أوكرانيا وروسيا والتي هي بالدرجة الأولى حرب إعلامية دعائية، وكاشفا في السياق ذاته بأن الجزائر بها حاليا 155 موقعا إلكترونيا معتمدا من بينه 12 موقعا محليا، بالإضافة إلى 188 جريدة مطبوعة بسحب يومي يصل إلى مليون نسخة.
كما تكلم عن الصحافة الإلكترونية بالجزائر التي عرفت مرور سنتين من صدور أول نص قانوني ينظمها، والتي تحدث عنها قانون الاعلام 2012 في بابه الخامس من خلال 7 مواد وأحال هذه المواد إلى نصوص تنظيمية.
وصدر أول نص تنظيمي بتاريخ 22 نوفمبر 2022 ينظم الصحافة الإلكترونية في الجزائر، مؤكدا أن أكبر اختبار نجحت فيه الصحافة الالكترونية الجزائرية هي تصدرها للمشهد الإعلامي بالجزائر والوطن العربي بعد تغطيتها لفعاليات القمة العربية، أين استطاعت أن تكسب الرهان وتنقل الأحداث بمهنية واحترافية وموضوعية.
الواقع هذا بحسب ذات المتحدث دفع بهم كأكاديميين وجامعيين ومهنيين إلى التحرك من أجل مجابهة ما يحاك من دسائس ومؤامرات دنيئة تريد المساس بالجزائر، بدليل أن مخرجات القمة العربية استطاعت وسائل الإعلام الجزائرية وخاصة الصحافة الإلكترونية أن تسوق لها بالشكل الذي احتلت به أكبر المساحات في جميع وسائل الإعلام، هذا الأمر دفع بهم إلى التحرك والتفطن لهذه المخططات والدسائس من خلال إستراتيجية إعلامية وطنية لتشكيل جبهة وطنية لمجابهة الحملات الدعائية العدائية للجزائر ومحاربة الأخبار الكاذبة والمظللة والمغلوطة والزائفة التي تهدف إلى المساس بالجزائر.
ودعا “محمد دحماني” مشتركي مواقع التواصل الإجتماعي البالغ عددهم 26 مليون مشترك، لاستعمالها كسلاح للتسويق للدبلوماسية الجزائرية ومواقف الجزائر والرئاسة ومواقف وبطولات الجيش الوطني الشعبي، مستدلا بمجلة “لسان الجيش” الشهرية التي استطاع خطها الإفتتاحي أن يجعل منها مصدرا للخبر لجميع وسائل الإعلام، والتي تناولت في أحد أعدادها ملف حروب الجيل الجديد وكيف يمكن مواجهتها.
جندي توفيق