كثيرة هي القوانين الظالمة للمرأة في عالمنا العربي، والتي تحتاج إلى إعادة نظر ومراجعة وتغيير لإنصاف النساء وتحقيق العدالة، وهو ما حاولت بعض النجمات المساهمة بدور فيه من خلال تقديم أعمال تحرّك المياه الراكدة تجاه تلك القوانين حتى وإن جعلتهنّ تلك الأعمال في مرمى الانتقادات.
وفي هذا الصدد لم يمر مسلسل “تحت الوصاية” الذي قدّمته النجمة منى زكي في رمضان الماضي مرور الكرام، بل أثار جدلاً واسعاً وحقق أصداء قوية من خلال مناقشته لقانون غير منصف للمرأة ويضرّ بجميع أفراد الأسرة… وهو القانون الذي بموجبه تنتقل الوصاية القانونية بعد وفاة الأب على أيٍ من أبنائه دون سنّ 18 عاماً، بما في ذلك ميراثهم إلى جدّهم لأبيهم أو إلى وليّ أمر يرشّحه الأب، من دون تدخّل الأم.
وبعد عرض العمل، تقدّم نائبان في البرلمان المصري، هما أميرة العادلي ومحمد إسماعيل بطلبات منفصلة إلى رئيس مجلس النواب ووزير العدل لمعاينة تأثير هذا القانون الذي يستهدف النساء بشكل غير عادل.
وألقى النائب محمد إسماعيل كلمة أمام البرلمان طالب فيها بتشكيل لجنة “لبحث ومواجهة الأثر التشريعي لهذا القانون الذي يعود عمره إلى 70 عاماً مضت، مما يخلق عقبات أمام المرأة ولا يعكس التطورات الحديثة”.
أما النائبة أميرة العادلي فطلبت من وزير العدل إطلاع البرلمان على الموضوع، مستشهدةً بالعديد من الشكاوى التي تلقتها من ناخبين تأثروا بالقانون. إذ قالت: “لطالما فكّرنا في اقتراح تعديلات على هذا القانون، ولكن مع الزخم الذي أحدثه المسلسل التلفزيوني “تحت الوصاية” والتركيز الحالي على هذه القضية، قرّرنا العمل وتقديم تعديلات تشريعية”.
وسبق لمنى زكي أن فجّرت قضية مهمة من خلال مسلسل “لعبة نيوتن”، وهي قضية الطلاق الشفهي، والطلاق عبر الرسائل الصوتية أو النصّية، والظلم الذي يقع على المرأة بسببه، هذا الظلم الذي دفع الدولة المصرية في النهاية للإعلان عن عدم الاعتراف بأي طلاق من دون توثيق رسمي، والآثار المترتبة عليه.
وتعد نيللي كريم من أبرز النجمات اللواتي يحرصن على الدفاع عن المرأة من خلال أعمالهن وإنصافها من قوانين ظالمة لها، وهو ما ناقشته في أعمال عدة لعل أبرزها وأحدثها المسلسل الشهير “فاتن أمل حربي”، الذي ناقشت فيه قانون الأحوال الشخصية المليء بالثغرات غير العادلة للنساء، في مواضيع مهمة منها الطلاق والنفقة وسكن الزوجية والوصاية التعليمية على الأبناء وحق الرؤية.
ووصلت أصداء العمل إلى تدخل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي شخصياً وإصداره توجيهات حاسمة للحكومة والبرلمان وكل مؤسّسات المجتمع لإعداد قانون أحوال شخصية متّزن يحفظ حقوق المرأة أثناء الطلاق.
وفي الحلقة الأخيرة من مسلسل “جميلة”، طالبت بطلته النجمة ريهام حجاج بسَنّ تشريعات جديدة لمواجهة حالات اختلاط الأنساب بعد انتشار ما يُسمّى بمعامل حفظ البويضات. هذه المشكلة التي تعاني منها كثيرات، عبّرت عنها حجاج من خلال شخصية “جميلة” حيث انتهت الحلقة بنداء قوي للبطلة تطالب فيه بوضع قانون لإنهاء معاناة النساء مع اختلاط الأنساب على أمل أن ينقذ القانون الكثيرات من أمثال “جميلة”.
وسلّط العمل الذي كتبه أيمن سلامة الضوء على معاناة امرأة تعرّضت لغرس بويضة في رحمها، ملقّحة من رجل ليس زوجها، وناشد المسلسل مُشرّع القوانين، سواء في مجلس النواب أو الشيوخ بضرورة سَنّ قانون يسمح بالإجهاض للسيدة التي مرت بمثل حالة البطلة “جميلة”، أو المغتصَبة، لمعالجة حالات منتشرة في المجتمع تشكّل خطورة على صحة وسلامة المرأة النفسية والجسدية ولمنع اختلاط الأنساب.
ويعتبر الزواج المبكر وختان الإناث من القضايا الشائكة التي تتعالى الأصوات من أجل سَنّ تشريعات قانونية أكثر حسماً لهما، وكان مسلسل “حضرة العمدة” للكاتب إبراهيم عيسى والنجوم: روبي وأحمد بدير وسميحة أيوب من بين تلك الأصوات، حيث ناقش العمل بجرأة أزمة زواج القاصرات وختان الإناث.
ورغم أن القانون يجرّم زواج القاصرات، لكن المسلسل بيّن أن هناك مَن لا يلتزم بالقانون، وأن الفتاة هي التي تدفع الثمن في النهاية، وهو ما كان واضحاً في مشهد صادم حين ذهبت “العمدة صفية” (تجسّدها الفنانة روبي) إلى أحد أفراح القرية لتتفاجأ بأن العروسين صغيران في السنّ.
وفي مشهد آخر، تحاول “العمدة صفية” إيقاف جريمة الختان التي ترتكبها إحدى الطبيبات في قرية “تل شبورة”، وتنجح في المحاولة، ولكنها تتعرّض للهجوم من الطبيبة التي تُجري عملية الختان، فيما تهدّدها “العمدة صفية” بالسجن، في الوقت الذي تنكر فيه والدة الطفلة أنها جاءت من أجل عملية الختان، وإنما للكشف العادي على طفلتها.
ومن ضمن الأصداء الطيبة التي حققها العمل، إشادة الدكتورة مايا مرسي رئيسة المجلس القومي للمرأة به قائلةً: “تحية إلى حضرة العمدة روبي… العمدة تقف في وجه جريمة ختان الإناث… في حوار مكتوب بحِرفية عالية جداً”.
قضية شائكة أخرى ناقشتها النجمة روجينا من خلال مسلسل “ستهم” والذي لعبت فيه دور امرأة تعاني الأمرّين بسبب حرمانها من ميراث والدها، وتتعرّض للظلم والضرب من جانب شقيقها، الذي يرفض إعطاءها ميراثها من والدها.
وأثارت مناقشة المسلسل لهذه القضية ردود فعل واسعة وحالة من الجدل، حول رفض توريث المرأة في بعض المناطق، خاصة في الصعيد والأرياف.
ق\ث