ابتليت السيدة “نادية. ح” ذات الأربعين سنة والقاطنة بحي الموافقية ببلدية الشلف، بداء سرطان الثدي، غير أنها تحدت كل الظروف في سبيل علاجها والظفر بحياة جديدة تكفل لها ليس فقط الاستمرار في العيش ولكن تتيح لها أيضا فرصة تحسيس وتوعية قريناتها خاصة من المصابات بنفس مرضها والمساهمة بالتالي في إنقاذ أرواحهن.
ولم تكن تعلم السيدة “نادية. ح” التي تقربت من أحد الأجنحة الصحية المنصبة خصيصا للكشف المبكر عن سرطان الثدي بحي الموافقية، خلال شهر أكتوبر من سنة 2019، بعد أن أحست بآلام في رقبتها، أنها مصابة بسرطان الثدي وأن هذا المرض سيكون نقطة تحول في حياتها.
ظروف صعبة والإصابة أصعب
وتستذكر هذه السيدة بكل تأثر، كيف انهارت معنويا عندما أظهرت فحوصات التصوير الإشعاعي إصابتها بسرطان الثدي لاسيما أن ظروفها الاجتماعية، كونها مطلقة وبدون وظيفة، لا تسمح لها بتحمل مصاريف العلاج، علما أن أفراد عائلتها لم يتبق منهم إلا والدتها الطاعنة في السن.
وتقبلت نادية أمر إصابتها بهذا الداء بصعوبة، وقررت رفع تحدي الكفاح والعلاج خاصة بعد أن أخبرها الأخصائيون أن ورمها الخبيث كان في بدايته ونسب الشفاء منه عالية جدا، لتبدأ بعد استشارة الأطباء المختصين في تطبيق بروتوكول العلاج الكيميائي بمستشفى الشلف ثم تخضع لعملية استئصال الثدي بمستشفى بلدية الشطية (7 كلم شمال الشلف).
خطوة مهمة ينبغي أن تتواصل
ولم تتوقف معركة التحدي التي رفعتها هذه السيدة لمجابهة سرطان الثدي عند عملية الاستئصال، فمرحلة العلاج بالأشعة التي تعتبر خطوة مهمة في رحلة الشفاء يجب أن تتواصل بمستشفى البليدة، في موعد حددت آجاله بسنة بسبب كثافة البرنامج وعدم توفر مواعيد قريبة.
ومن الناحية الطبية، تعتبر القابلة المنسقة بالمؤسسة العمومية للصحة الجوارية بأولاد فارس، نصيرة عراب، أن حالة السيدة “نادية. ح” لا تتحمل الانتظار لمدة سنة لمباشرة العلاج بالأشعة، لذا تم إرشادها للتوجه نحو إحدى العيادات الخاصة، وهذا شكل هاجسا آخرا لها بسبب وضعها المادي لأنها لم تكن تملك حتى مصاريف النقل نحو البليدة.
رحلة علاج صعبة ماديا ومعنويا
وتروي هذه السيدة كيف مرت بظروف معنوية عصيبة نتيجة عوزها وعدم قدرتها على توفير المصاريف واستكمال رحلة العلاج بعد أن قطعت أشواطا مهمة، وهي الظروف التي جابهتها بالاتصال ببعض الجمعيات الخيرية والمحسنين الذين لم يخيبوا أملها وكانوا لها “نعم السند معنويا وماديا”، كما قالت.
وبالفعل تكفلت إحدى الجمعيات الخيرية بمصاريف نقل وإقامة السيدة نادية إلى مدينة البليدة لمدة أربعين يوما، خاضت خلالها مرحلة العلاج بالأشعة، واستكملت بروتوكول العلاج وأثبتت بعد ذلك التحاليل الطبية شفاءها نهائيا من الورم الخبيث.
واليوم وبعد أن نجحت في الظفر بحياة جديدة، تشارك السيدة نادية في حملات تحسيس وتوعية فئة النساء من سرطان الثدي وتؤكد على ضرورة التشخيص المبكر لهذا الداء باعتباره عاملا مهما في رفع نسبة حظوظ الشفاء.
نموذج جيد للمصابات
وبمقر مدرسة الشبه الطبي بحي بن سونة بالشلف، كانت الفرصة مواتية لهذه السيدة لعرض تجربتها في مكافحة سرطان الثدي أمام عدد من الجمعيات النسوية، ضمن فعاليات أكتوبر الوردي، للحث على التشخيص المبكر لدى هذه الفئة، والحد من الإصابات بهذا الداء والمساهمة في إنقاذ أرواح بشرية.
وقالت السيدة عراب إن السيدة نادية تشارك في مختلف النشاطات التحسيسية والتوعوية، لتزرع من خلال رواية فصول قصتها التي ترويها في كل مناسبة، آمالا لشفاء عدد كبير من المصابات بسرطان الثدي، وتروج لقيم تحدي جميع الظروف الاجتماعية والمادية في سبيل علاج ومجابهة هذا الداء.
ق. م