مِن حُسْن إسلامِ المرءِ

مِن حُسْن إسلامِ المرءِ

 

مِن حُسْن إسلامِ المرءِ تركُه ما لا يَعْنيه، كم هو عظيمٌ هذا الحديثُ الذي رواه أبو هريرة رضي الله عنه؛ إذ يُعتبر من جوامع الكلم التي أُعطيتْ نبيَّنا محمَّدًا صلى الله عليه وسلم، فالناظر في الحديث الشريف يُدرك أنَّه قليلُ الكلمات، قصيرُ الجُمَل؛ لكنَّه في الحقيقة عظيمُ المعاني والمبَادئ؛ ولذا اعتبره الحافظ ابن رجب أصلًا من أصول الأدب، واعتبره الآخرون ثُلُثَ الإسْلام أو رُبعه؛ لما يشتملُ عليه من الأدب العالي وتهذيب النفس وتربيتها، وتعويدها على حُسْن التعامل مع الآخرين، ومن المعاني المستنبطة من هذا الحديث المبارك من خلال الأسطر الآتية:

– اهتمَّ بما ينفعك ويفيدك في دينك ودنياك، وصِحَّتك وبَدَنك، ويُسعِدُ قلبَك ورُوحَك ، وينفع مجتمعَكَ وأُمَّتك من أعمال الخير والبر، وفِعْلِ الطاعات وأداء الحقوق، وتحقيق التوازن بين النصيحة وحُسْن التعامل، وخدمة الدين وإعمار الأرض، والدعوة وزَرْع الأُلْفة والمحبَّة بين المسلمين.

– اترك ما لا يعنيك ولا يهمُّك من الأقوال والأفعال والأعمال، والأسئلة المحرجة للآخرين، والقيل والقال، والخوض في النيات، وفرض الرأي على الآخرين، والدخول في التوافه والصغائر، وضياع الجهد والوقت والكفاءة في أمور صغيرة، لا ناقة لك فيها ولا جمل؛ فإن “من حُسْن إسلام المرء تركُه ما لا يعنيه”.

– ابتعد عن اللغو وفضول الكلام والنقاشات العقيمة على وسائل التواصُل الاجتماعي التي لا تُسمِن ولا تُغني من جوع؛ بل أصبحت مائدةً دسِمةً لضِعاف النفوس وأدعياء العلم والمعرفة؛ فليكن اختلافنا اختلافَ عقولٍ لا اختلاف قلوب، ولنرحم الناس عند الاختلاف بدلًا عن تجريحهم وازدرائهم وتنقيصهم حقَّهم.

– ذكر الإمام ابن القيم رحمه الله في كتابه الفوائد مجموعة من الأخلاق الفاضلة؛ كالصبر والشجاعة والعدل والمروءة والعفَّة والصيانة والجود والحِلْم والقناعة والصدق، وذكر من بينها التغافُل عن زلَّات الناس، وترك الاشتغال بما لا يعينه، ثم قال: إن مرَدَّها كلها إلى الخشوع وعلوِّ الهِمَّة.

موقع إسلام أون لاين