مولود معمري… من الواقع المحلي إلى الكونية

elmaouid

أكد باحثون جزائريون وأجانب، خلال الملتقى الدولي حول مولود معمري، أن هذا المبدع كان “يحرص” على أن تتناول كتاباته واقع الأفراد في مختلف وضعياتهم الانسانية، وتفتح امكانية قراءات تتجاوز عامل الزمان والمكان

لتأخذ بعدا كونيا.

وتطرق المشاركون في برنامج محاضرات ثاني يوم من الملتقى الدولي بقصر المعارض الصنوبر البحري إلى الكتابات الأدبية والمسرحية التي عكست “خياراته” الفكرية واللغوية، ومكنت من “تشريح واقعي” للحياة وفهم نظرته للهوية الثقافية.

ويظهر العمل الروائي لمعمري، تقول الناقدة الفرنسية دونيس براهيمي، “مقاومة” سكان منطقة القبائل الذين عايشوا تدمير قراهم على مراحل متتالية من العنف والدمار، في إشارة منها إلى ما رواه المؤلف في مختلف نصوصه عما حل بالقرية القبائلية في مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية.

واستعمل الروائي، تضيف، “الأسطورة القبائلية” للحديث عن أشياء كان “يريد ” أن تتحقق كما هو الحال في “تعسست” (الغرفة العليا) التي تناولها بشكل “مكثف” و وصفها جيدا في “الربوة المنسية” (1952)، تبقى بالنسبة للقارئ “رمزا” يثير مخيلته ويحفز لديه أسئلة أيضا. 

ونوهت المتحدثة بشخصية الكاتب، فقالت إنه لم يكن “يتباكى” في نصوصه على الأطلال، بل كان “يبحث” عن صفحات جديدة لـ  “يعيد بناء ما هدم”، وهو ما حققه عندما ترأس مركز البحث الأنثروبولوجي ما قبل التاريخ والإثنولوجيا بالجزائر في الفترة ما بين 1969 و1980.

وترى المختصة في اللغة والآداب الفرنسية، عفيفة برارحي، من جهتها أن معمري تناول الواقع المعاش من زاوية “تراجيديا”، لهذا كان يفسر ما يحدث حوله بـ “نزعة وجودية”، فانشغل بتصوير العالم من حوله مستندا إلى النظريات الفلسفية الوجودية التي ساعدته على فهم التغيرات السريعة، فكانت أعماله -تقول- “مبنية على حقيقتين غير متصالحتين”.

وركز أستاذ اللغة الفرنسية بجامعة الجزائر، اسماعيل عبدون، من جهته على الأسلوب الأدبي لمعمري الذي يتميز بـ “تطويعه” للغة الفرنسية وكيف دفع بها إلى “أقصى حد” لتقول ما يريد قوله هو.

وعن علاقة معمري بنصه الشهير “الربوة المنسية”، أوضح البروفيسور أحمد لنصاري من الجامعة الفرنسية شارل ديغول3، أن معمري “نجح” في استعمال التناص لصالح عمله الأدبي، وأن التفاعل النصي الذي سجله الدارسون بين هضبة معمري و”الهضبة الملهمة” (La colline inspirée) التي ألفها الروائي الفرنسي موريس باراس سنة 1913، ما هو سوى “حوار” بين نصين اشتغلا على “معنى” الأمكنة المقدسة.

وأردف أن “الربوة المنسية” هي بمثابة “رد” على هضبة باراسي، تحدث فيها معمري عن “اللاعدل” والقمع الذي تعرض له سكان قرية “تزقا” والهجرة التي اضطر إليها شباب القرية ليخلص إلى القول إن مجمل أعمال هذا الكاتب “تشتغل على الانسان

أينما كان في الزمان والمكان”.

وفي الوقت الذي سجلت فيه أشغال الفترة المسائية تغيب بعض الأسماء المبرمجة في الملتقى، تدخلت المختصة في الأدب الإفريقي أمينة عزة بقاطي لتقول إنه على ضوء النصوص “المعمرية” التي قرأتها يمكن استخلاص “البعد الإنساني” الكبير للمفكر

والمؤلف ومواقفه. وقد عبر عنها في حوارات تعكس قناعاته بخصوص مهنته كمعلم واستعماله للغة الفرنسية التي “لم تفصله” عن جذوره الأمازيغية.

ق/ث