الوباء عدو للإنسان يجب أن تتضافر جهود البشر جميعًا لوضع حد له، ومواجهته بكل السبل العلمية المتاحة، حتى لا ينتشر وينتقل من مكان لآخر. والإسلام ينطلق في مسألة العلاج والتداوي بصورة عامة من منطلق أن الحفاظ على النفس والبدن والعقل والفكر من الضروريات الأساسية التي جاءت الشريعة لأجل الحفاظ عليها، وحمايتها وتنميتها.
ويبين الإسلام للبشرية جميعًا بأن لكل داء دواء، ولكل مرض شفاء علمه من علمه، وجهله من جهله، يختلف ذلك حسب العصور والأزمان، وتطور الأدوية والعلاج والوسائل الطبية، حيث يقول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم: “إن الله لم ينزل داءً، أو لم يخلق داءً، إلاّ أنزل، أو خلق له دواء، علمه من علمه، وجهله من جهله إلاّ السام، قالوا: يا رسول الله، وما السام ؟ قال: الموت”. وهذا الحديث الصحيح يعطي أملاً، لكل مريض حيث قضى بأنه لكل داء دواء، ولكل مرض شفاء، وبذلك لا يفقد الأمل مهما كان مرضه خطيرًا على عكس ما هو الحال اليوم حيث تصنف بعض الأمراض على أنه لا شفاء لها.
ومنهج الإسلام منهج قائم على التزاوج بين الطب الروحي والنفسي والطب المادي، وليس على الجانب المادي فقط، أو الجانب الروحي فقط، وهكذا الإسلام في كل شيء حيث يجمع بين الدين والدنيا، وبين المادة والروح. ومن القواعد المهمة التي حثّ عليها الإسلام أنه إذا وقع الوباء بأرض أنتم فيها فلا تخرجوا منها فرارًا منه، وإذا وقع بأرض ولستم بها فلا تهبطوا عليها. ويستفاد من كل ما سبق أن الإنسان، حيثما كان، إذا شك بإصابته بأي مرض معدٍ، ومنه الزكام في حالة كورونا، يجب أن يتجنب المجامع والجوامع واللقاءات العامة، لئلا ينشر العدوى بين الناس، ويجب أن يمتنع عن ركوب الحافلات العامة، والذهاب إلى المطاعم والأسواق، والمدارس والأماكن العامة من النوادي والمحاضرات والحدائق. لقد اهتم الإسلام بالنفس البشرية، وجعل الحفاظ عليها من مقاصد الشريعة الكلية، وجعل قتلها، أو تعريضها للهلاك، والخطر من الكبائر، مع الأخذ بجميع الأسباب المتاحة لدفع المرض، مع الحيطة والحذر والوقاية قبل الوقوع والإصابة، ثم الأخذ بجميع الأسباب المتاحة للعلاج والشفاء.