ما زال قرار وزارة الثقافة إقامة معرض الجزائر الدولي للكتاب بين الرابع والعشرين والواحد والثلاثين من مارس المقبل محط جدل كبير في أوساط الناشرين، إذ أصدرت كما هو معلوم قرابةُ ثلاثين دار نشر محلّية، يوم الثلاثاء الماضي، بياناً دعت فيه الوزارةَ الوصية إلى تأجيل المعرض، بناءً على ما سمّته “معطيات تطوّرَت تدريجياً في اتّجاه لا يخدم صورة الجزائر الثقافية، والتي يُعتَبر معرضها الدولي للكتاب واجهةً مهمّة حضارياً واقتصادياً وقِبلة دولية للناشرين عبر العالم، الذين يصفون دوماً معرض الجزائر بالواعد والمربِح”.
وفي هذا الصدد يقول رفيق طيبي، مدير “دار خيال”، إحدى دُور النشر الموقّعة إنَّ “الإقبال على المؤسّسات الثقافية في الجزائر بات منعدماً تقريباً في الأشهر الأخيرة بسبب اشتراطها دفتر التلقيح للدخول إليها، وهو ما سينسحب على المعرض بالتأكيد”، مُشيراً إلى أنّ اشتراط “المكتبة الوطنية الجزائرية”، التي تُصدر تراخيص النشر، الدفتَر “سيُعقّد من مهمّة الناشرين”.
يلفت طيبي إلى أنّه “لا يمكن تنظيم معرضَين دوليَّين في سنة واحدة؛ خصوصاً أنَّ الناشرين يعيشون وضعاً صعباً قد لا يمكّنهم من دفع مستحقّات المشاركة الباهضة نسبياً بسبب التردّي الاقتصادي العام”، مضيفاً: “لا بدّ من الإبقاء على المعرض في تاريخه المعتاد؛ خصوصاً أنّ المعطيات تُشير إلى اقتراب الوباء من نهايته. وستكون ستّةُ أشهر إضافية كافيةً للتحضير الجادّ، ولإنهاء شبح دفتر التلقيح، ولتحسُّن مأمول للوضع الاقتصادي والاجتماعي”.
في المقابِل، يُبدي الكاتب بشير مفتي، وهو أحد المشرفين على “منشورات الاختلاف”، رفضَه فكرةَ تأجيل المعرض، قائلاً في حديث إلى “العربي الجديد”: “صحيحٌ أنّ اشتراط دفتر التلقيح سيُؤثّر سلباً على إقبال الزّوّار. لكن كان بالإمكان المطالبة بإلغاء هذا الشرط ــ إنْ كان موجوداً فعلاً ــ بدل الدعوة إلى تأجيل التظاهرة برمّتها”، مضيفاً: “برأيي الشخصي، بإمكان مَن لا تُناسبه ظروف الدورة المقبلة ألّا يُشارك فيها، عوضَ أن يدعو إلى تأجيلها أو إلغائها”.
بالنسبة إلى مفتي، فإنّ عودةَ المعرض، بعد أكثر من سنتَين ونصف منذ إقامة دورته السابقة، من الأهمّية بمكان، خصوصاً بالنسبة إلى القارئ المحلّي: “المعرضُ هو فرصةُ القارئ الجزائري الوحيدةُ للاطّلاع على جديد الإصدارات العربية والأجنبية التي لا تصل إليه خارج هذه المناسبة في غياب استيراد الكتاب الأجنبي. وغيابُه مُجدّداً يعني أنّ القارئ سيُحرَم لفترة أطول من إصدارات الناشرين العرب والأجانب، التي يقصدُ معظم الزوّارُ المعرضَ خصّيصاً من أجل اقتنائها، بما أنّ الكتاب الجزائري متوفّر خارج أيّام المعرض”، لافتاً أيضاً إلى أنّ المكتبات الجزائرية ستستفيد من المعرض، بما أنّ القوانين لا تسمح لأصحابها باستيراد الكتب.
وتأتي الدعوة قبل قرابة شهرٍ من الموعد المفترض لإقامة المعرض. وفي هذا السياق، تُعلّق الأكاديمية والصحافية حسينة بوشيخ قائلةً: “يبدو أن الموقّعين غير آبهين أو مدركين بأنّ دور النشر العربية والأجنبية حضّرت نفسها للمعرض وأرسلت كتبها ودفعت رسوم المشاركة. إلغاؤه الآن سيكون ضربة لسمعة وصورة البلد”، بينما يعتبر ناشر آخر (رفض الكشف عن اسمه) أنّ الدعوة “محاولة لقطع الطريق أمام دخول الكتاب العربي والأجنبي، حتّى تستفرد مجموعة من دُور النشر التجارية بالسوق المحلّي”.
ب/ص