موسم الهجرة شرقاً: فن مصري على أرض سعودية

موسم الهجرة شرقاً: فن مصري على أرض سعودية

ما من حديث في الوسط الفني المصري في الفترة الحالية سوى عن الانفتاح السعودي المتزايد على مستوى الترفيه، بالتزامن مع تدهور الأوضاع الاقتصادية في مصر، التي تؤثر بشكل كبير ومباشر على صناعة الفن في البلاد. يضاف ذلك إلى أزمات أخرى، منها الاحتكار والتشديدات الرقابية وغياب المنافسة، ما يجعل السوق السعودية الجديدة طوق نجاة للعاملين في قطاع الفن، في الوقت الذي يعتبره بعضهم تهديداً للقوة الناعمة المصرية ومستقبل الإنتاج الفني بالبلاد، بسبب تزايد النفوذ السعودي في هذه الصناعة، التي كانت تتميز بها مصر لسنوات عدة.

وتحول النقاش داخل الأوساط الفنية المصرية من الحديث عن التهديدات التي تتعرض لها المشهد الفني بسبب الانفتاح السعودي، إلى الحديث عن هجرة العاملين في الوسط الفني إلى المملكة للإقامة والعمل فيها، خاصة في ظل الازدهار الكبير الذي تعرفه مختلف المجالات الترفيهية. ولم يعد الحديث مقتصراً على حضور النجوم الكبار فقط في السعودية، وإقامة حفلات ومسرحيات هناك، ولكن امتد إلى الحديث عن انتقال الفنيين والعاملين والفئات الأخرى في الصناعة الإبداعية، الذين يمثلون عصب هذا القطاع في مصر.

وخرجت مخاوف صناع الفن في مصر من الجلسات الخاصة إلى العلن في الفترة الأخيرة، خصوصاً بعد التطورات في السعودية بتزايد حجم الإنتاج في المملكة. فعبّر المخرج المصري عمرو سلامة، في شهر أكتوبر الماضي، عن مخاوفه من هجرة العاملين في الوسط الفني إلى المملكة وهو من أوائل الفنانين الذين تحدثوا صراحة عن وجود أزمة عمالة في مصر، بسبب وجود الفنيين في السعودية لفترات طويلة.

وشهدت الفترة الأخيرة بالفعل انتقال عدد من الفنانين والصناع إلى الرياض، خصوصاً هؤلاء الذين يعملون في صناعة الإعلانات، والتي واجهت هجرة ملحوظة للطواقم الفنية فيها، لتأثرها الكبير بالأزمة الاقتصادية نتيجة قلة حجم الإعلانات التجارية، واختلاف صناعة الإعلانات عن الدراما والسينما. فبينما الأخيرة ما زالت مستمرة وتستغرق وقتاً طويلاً في تنفيذها، تعتمد الإعلانات على أيام تصوير قليلة، لذلك غيابها يؤثر بشكل مباشر على العائد المادي للعاملين فيها.

أما اليوم فبدأ الحديث عن انتقال شركات كاملة للعمل في السعودية بدلاً من مصر، خاصة بعد نجاح عدة تجارب في الفترة الأخيرة، وأبرزها شركة “أروما”، أكبر شركة لخدمات ما بعد الإنتاج في مصر، التي افتتحت فرعاً إقليمياً لها في الرياض، وتستحوذ على معظم المهام الإنتاجية وأعمال الغرافيك في مصر، وتضم عشرات العاملين والفنيين. لذلك فإن خطر انتقالها الكامل إلى السعودية يشكل تهديداً كبيراً لحركة الإنتاج في مصر، وقد تشجع شركات إنتاج أخرى لتقليدها.

وتأتي هذه المخاوف في الوقت الذي يفكر فيه عدد من صناع السينما في اتخاذ الخطوة نفسها، لسهولة الإجراءات الإنتاجية في السعودية، وللاستفادة من الدعم المقدم من المملكة، لتشجيع مهمة إنشاء شركات أو التصوير داخل السعودية.

واستديو مرواس الجديد يُتوقع له هو الآخر دور كبير في هجرة الفنيين والفنانين المصريين في الفترة المقبلة إذا نجح في استقطابهم لتسجيل أعمالهم في مجمع الاستديوهات الضخم، خاصة مع تلميح هيئة الترفيه من قبل باشتراطها تسجيل الأغاني في “مرواس” مقابل السماح لأصحابها بالغناء في الحفلات في السعودية.

ق-ث