من وصايا جبريل عليه السلام

من وصايا جبريل عليه السلام

 

روى الحاكم في مستدركه من حديث سهل بن سعد الساعدي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “أتاني جبريل فقال: يا محمد، عش ما شئت فإنك ميت، وأحبب من شئت فإنك مفارقه، واعمل ما شئت فإنك مجزيّ به، واعلم أن شرف المؤمن قيامه بالليل، وعزَّه استغناؤُه عن الناس”. كلماتٌ معدودات جُمعت في وصايا، أوصى ووعظ بها جبريلُ عليه السلام، محمدا صلى الله عليه وسلم.

الوصية الأولى: جبريل عليه السلام، بدأ بالتذكيرِ بِالموت فقال: “يا محمد، عش ما شئت فإنك ميت”. يا لها من موعظة تقرع القلوبَ عسى أن تتعظ وتعتبر.عش ما شئت كبيرا أو صغيرا شابا أو كهلا، عش ما شئت كثيرا أم قليلا، عش على أي حال تكون غنيا أم فقيرا، صحيحا أو مريضا، فإنك في النهاية ميتٌ قال ربنا: ” إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ ” الزمر: 30. فالكل سيموت: ” كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ”.

وتلك هي الوصية الثانية: ” أحبب من شئت فإنك مفارقه”، أَحبِب من شئت من الخلق فإنك مفارقه بموت أو غيرِه. أحبب من شئت، أحبب أخاك فإنك ستفارقه، أحبب أمك أباك فإنك ستفارقهما، أحبب زوجتك أولادك فإنك ستفارقهم، أحبب عائلتك أحبابك أصدقاءك جيرانك فإنك مفارقهم، أحبب دارك فإنك ستغادرها، أحبب ما شئت من مال أو جاه أو منصب أو غيرِ ذلك من متاع الحياة الدنيا، فإنك عما قريب ستفارقه بموت أو غيره.

وتلك هي الوصية الثالثة: “واعمل ما شئت فإنك مجزيٌّ به”. اعمل ما شئت من خير أو شر، من حق أو ضلال، فإن الموت ملاقيك، ثم إنك بعد الموت مَجْزِيٌّ بما عملت، ولن تجد عند الله إلا ما عملت، فكل شيء عملته ستجده مكتوبا ومسطورا ” وَكُلُّ شَيْءٍ فَعَلُوهُ فِي الزُّبُرِ، وَكُلُّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ مُّسْتَطَرٌ “، فإن عملت صالحا فستجد صالحا، وإن عملت غير ذلك فلا تلومن إلا نفسك.

أما الوصية الرابعة: “واعلم أن شرف المؤمن قيامُه بالليل”. ما أجمل وألد تلك اللحظات، عندما يخلو أولئك الصادقون مع رب الأرض والسموات في مدرسة الصدق والإخلاص، في مدرسة المجاهدة والتربية في ظلام الليل حيث لا يراهم ولا يطلع عليهم إلا الله جل وعلا وقد أثنى عليهم حين تركوا المضاجع والملذات من أجل الوقوف بين يديه تبارك وتعالى.