من وحي قصة نوح عليه السلام

من وحي قصة نوح عليه السلام

قال تعالى ” وَنَادَى نُوحٌ رَبَّهُ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنْتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ ” هود: 45. نادى ربه بقلب الأب الرؤوف، بقلب حزين على ولدِ فؤاده، الذي اختار أن يكون من الكافرين، واختار أن يكون مع المغرقين، فتقدم بالشكوى لربه تعالى، يشكو همَّه وحزنه، سأله سؤال الحزين المتضرع الحيِّيِّ من بارئه: أن ربِّي، إنه ابني! من أهلي “بعض مني”. وإن وعيدك ووعدك حق – وأنا أقرُّ بهذا – فأنقذه وأنت أحكم الحاكمين، أنت المتصرف الآمر الناهي! . لكن سنة الله في خلقه وأرضه ماضية، لا تغيِّرها صلة، ولا يشفع فيها حتى نبي! ” قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلَا تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ ” هود: 46. فجاءه جواب الله تعالى وفاقًا لسنّته، أن ليس للكافرين من ربهم مهرب ولا منجى، ولا شفيع، فإذا جاء وعد الله فلا مفرَّ منه، وإذا حكم عدله فلا جواب للظالمين!. “قَالَ رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْأَلَكَ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَإِلَّا تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُنْ مِنَ الْخَاسِرِينَ ” هود: 47. فأعلن نوح عليه السلام استسلامه لله، واستغفره عما لا علم له به، وما سلف منه من جهل، استغفره وسأله الرحمة والمغفرة!. قال تعالى ” قِيلَ يَا نُوحُ اهْبِطْ بِسَلَامٍ مِنَّا وَبَرَكَاتٍ عَلَيْكَ وَعَلَى أُمَمٍ مِمَّنْ مَعَكَ وَأُمَمٌ سَنُمَتِّعُهُمْ ثُمَّ يَمَسُّهُمْ مِنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ ” هود: 48. وصل نوح والمؤمنون معه برَّ الأمان، وصلوا وقد أنجاهم الله بإيمانهم إلى الضفة الآمنة؛ ليتابعوا مهمة خلافتهم في الأرض، ليتابعوا ما خلقوا من أجله، إنه التسليم لأمر الله، فأمره فوق كل هوًى، وإرادته وحكمته فوق كل إرادة وحكمة، وإن من يعصِ الله فستقَعُ عليه لا بد سنتُه، ومن يغرَّه بالله الغرور فسوف يلقى جزاءَه، وسوف يلقى غيًّا!. وفي قصة نوح عليه السلام عزاء للآباء المؤمنين، الذين يلاقون من أبنائهم عقوقًا وضلالاً!