من هم المفلحون؟

من هم المفلحون؟

 

تسترعي انتباه قارئ القرآن كلمة الفلاح وأوصاف المفلحين؛ إذ هي مبثوثة في سوره وآياته، داعية إليه، محرضة عليه، مبينة طريقه، محذرة من ضده. والفَلَاحُ هو: الظَّفَرُ وإدراك البُغية، وهو دنيويّ وأخرويّ، فالدّنيويّ: الظّفر بجاه الدنيا ومالها وعافيتها، وفَلَاحٌ أخرويّ، وهو الفوز برضا الرحمن سبحانه وجنته. والفلاح إنما يحصل بالإيمان والعمل الصالح، ولا فلاح بلا إيمان، كما أنه لا فلاح بلا عمل صالح. وفي أوائل البقرة أثنى الله تعالى على المؤمنين بإيمانهم وعملهم الصالح ثم وصفهم بالفلاح فقال سبحانه ” أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ المُفْلِحُونَ ” البقرة: 5. وفي آية أخرى ” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ” الحج: 77 والخير كلمة جامعة لكل عمل صالح. وقال سبحانه ” قَدْ أَفْلَحَ المُؤْمِنُونَ ” المؤمنون: 1، ثم ذكر سبحانه جملة من صفاتهم التي بسببها أفلحوا.

وكل صفة من هذه الصفات سبب للفلاح، وهي: الخشوع في الصلاة والمحافظة عليها، والإعراض عن اللغو، وأداء الزكاة، وحفظ الفروج، وأداء الأمانات، والوفاء بالعهود. ومن دلائل فلاحهم قول الله تعالى بعد ذكر أوصافهم وأعمالهم ” أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ” المؤمنون: 10- 11. فالصلاة باب عظيم للفلاح كما دلت عليه هذه الآيات، وهي بوابة البشرى بالفلاح في الآخرة كما دل عليه قول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “إِنَّ أَوَّلَ مَا يُحَاسَبُ بِهِ العَبْدُ يَوْمَ القِيَامَةِ مِنْ عَمَلِهِ صَلَاتُهُ، فَإِنْ صَلُحَتْ فَقَدْ أَفْلَحَ وَأَنْجَحَ، وَإِنْ فَسَدَتْ فَقَدْ خَابَ وَخَسِرَ، رواه الترمذي. فلا عجب أن ينادى للصلاة بالفلاح فيقول المؤذن في النداء والإقامة: حي على الفلاح. والتوبة طريق الفلاح؛ فعلى المؤمن أن يلزمها اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم الذي كان يتوب إلى الله تعالى في اليوم مئة مرة ” وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ” النور: 31. والتقوى تجمع الإيمان والعمل ” وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ” البقرة: 189، وجاء الأمر بالتقوى لنيل الفلاح في القرآن أربع مرات.