الخسارة من الأشياء التي تنفر النفوس منها ولا تريدها و يتوجع الناس لمن خسر شيئا في دنياه و حينما تذكر الخسارة ينقدح في الذهن مباشرة الخسارة الدنيوية من خسارة مال في بيع أو شراء أو هلاك مال بجائحة أو غيرها ولا شك أن هذه خسارة لكنها لا تقارن بخسارة الآخرة فخسائر الدنيا مهما كبرت و كثرت يمكن تعويضها فكم من شخص خسر الأموال الطائلة وبفترة يسيرة فتح الله عليه باب الرزق فعوض ما فاته من خسارة لكن خسارة الآخرة لا يمكن تعويضها فالمصاب بها أعظم فالخاسر يخسر نفسه حيث يعرضها للعذاب الشديد ولو أراد لأصبح في عداد الفائزين يقول تبارك و تعالى ” قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلَا ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ ” سورة الزمر: 15.
فمن صفات الخاسرين يوم القيامة أنهم ” يَنقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِن بَعْدِ مِيثَاقِهِ ” فالإيمان بالله وبرسوله ميثاق أخذ على العباد. إذا جاء رسول وجب عليهم الإيمان به وتصديقه ونصرته وإتباع أمره فمن قصر في ذلك فقد قصر في عهده مع الله.
ومن صفات الخاسرين يوم القيامة أنهم ” وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ ” من صلة الأرحام والتواصل مع المسلمين والتعاون معهم على البر والتقوى.
ومن صفات الخاسرين يوم القيامة أنهم ” وَيُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ ” فيسعون لما به فساد الأرض فساداً معنوياً كالمعاصي ونشر الفاحش من القول والعمل وتزيين الباطل وتلبيس الحق على الناس فمن فعل ذلك فهو مفسد.
ومن صفات الخاسرين يوم القيامة أنهم يأمنون مكر الله فيغتر العبد العاصي بتوافر النعم واندفاع النقم حتى يظن أنه في غاية المأمن فيأمن مكر الله به يأمن بأسه ونقمته وقدرته عليه وأخذه إياه في حال سهوه وغفلته حتى إذا أخذه لم يفلته.
ومن صفات الخاسرين يوم القيامة أنهم ينشغلون بأموالهم وأولادهم عن ذكر الله الواجب من صلاة فرض وغيرها فينشغل الواحد منهم بدنياه ويهتم بتدبيرها ويعتني بمصالحه الدنيوية والتمتع بما أعطاه الله من مال وولد ولا يلتفت إلى ما افترضه الله عليه من صلاة وغيرها، قال تعالى ” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ ” سورة المنافقون: 9.