من مظاهر يسر الشريعة

من مظاهر يسر الشريعة

إن الله تعالى برحمته وحكمته وكمال حلمه وعفوه يتعامل مع السيئات بعدله ويتعامل مع الحسنات بفضله. فجزاء السيئة بمثلها بلا زيادة و أما الحسنة فهي تضاعف إلى عشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة وخير كثير ورزق بغير حساب، قال تعالى ” مَن جَاء بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَن جَاء بِالسَّيِّئَةِ فَلاَ يُجْزَى إِلاَّ مِثْلَهَا وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ” الأنعام 160. وقال تعالى ” مَن جَاء بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِّنْهَا وَمَن جَاء بِالسَّيِّئَةِ فَلَا يُجْزَى الَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئَاتِ إِلَّا مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ” القصص 84. وقال ” مَن جَاء بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِّنْهَا وَهُم مِّن فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ ” النمل 89. وقال ” مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَمَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ” غافر 40.

والسنة أيضاً تؤكد هذا المعنى وتفصله تفصلاً. فلا تكون الحسنة بمثلها إلا إذا حُصرت في دائرة الهم والعزم والنية الصادقة بمانع خارج عن إرادة الإنسان، أما إذا قدر لها الخروج من هذه الدائرة إلى حيز العمل والتنفيذ فلا بد أن تضاعف، إما إلى عشر حسنات وإما إلى سبعمائة ضعف وإما إلى أضعاف أكثر من ذلك. وهذا التفاوت بحسب النية وشرف العمل ومدى تحقق المصلحة منه ومدى حاجة الأمة إليه. أما السيئة فلا تكتب إلا سيئة واحدة على اختلاف بين الكبيرة والصغيرة ولا تكتب مطلقاً إلا إذا وقعت بالفعل، أما إذا حبست في حيز الهم والعزم ثم رجع عنها صاحبها بإرادته وقصده كتبت حسنة كاملة. وهذا هو المعنى الموجز للحديث المتفق عليه والذي رواه البخاري ومسلم “إن الله كتب الحسنات والسيئات، ثم بين ذلك. فمن هم بحسنة فلم يعملها كتبها الله عنده عشر حسنات إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة. وإن هم بسيئة فلم يعملها كتبها الله عنده حسنة كاملة، وإن هم بها فعملها كتبها الله سيئة واحدة”.