رسائل الجوالات وما تحمله من المخالفات في العبارات، وما يقع فيها من المبالغات والتجاوزات تستحقُّ وقفات، فالرسائل البِدعيَّة، والرسائل الغرامية، ونحوها ما كان مقروءًا أو مصوَّرًا مما يخالف الشَّرْع، وينافي الأدب، ولا يتلاءم مع شُكْر هذه النعمة يجب اجتنابها، أم يحسبون أنهم لا يُؤاخَذُون على ما تتكلَّم به ألسنتهم، وتكتبه أيديهم؟! فالواجبُ مراعاةُ أدب الرسائل، وليستحضرِ المُرْسِل أنَّ رسالتَه ربما تدوالتْها الأيدي، وانتشرت في الآفاق؛ فله غُنْمها، وعليه غُرْمها؛ وعليه أن يعلم أنَّه مسؤول بين يدي الله يومَ القيامة؛ قال الله في كتابه ” مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ” ق: 18، فإذا كان اللَّفْظ مكتوبًا، فما ظنُّكم بما كَتبتِ اليد؟! فإن كانت الرسالة مُبَشِّرة أو مُعَزِّية أو مسلية، أو مشتملة على ذِكرَى وحكمة أو موعظة، أو نحو ذلك من خير الدنيا والآخرة، فهو من المباح، بل قد يكون مسنونًا مندوبًا إليه.
إنَّ مما به تُذاع الفواحش، وتُنشر الفضائح، وتُهتك الأستار في هذه الأزمنة: الصُّورَ والمقاطع المرئية المتبادلة عبرَ التقنية، وهي مِن الأوزار المتراكِمة، فهذه فواحش تُصوَّر، ثم تخزن، ثم تُشاهد وتُنشر، فلربَّ مقطع يصوِّره إنسان، ثم ينشره فيصل إلى آلافٍ يشاهدونه، تقلق وتنغص وتحرك كوامن الشهوات، وعلى ابن آدم الأوَّل الذي صَوَّرَه كِفْل منه، فما يقع في الرسائل من مخالفات شرعيَّة، كلُّ هؤلاء يحمل وزرَهم جميعًا مرسلُ الرِّسالة الأول، من غير أن ينقصَ شيءٌ من أوزارهم؛ قال الله تعالى ” لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلا سَاءَ مَا يَزِرُونَ “، وفي حديث أبي هريرة عند مسلم: أنَّ النبي صلَّى الله عليه وسلَّم قال “ومَن دَعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مِثلُ آثام مَن تبعه، لا ينقص ذلك من آثامهم شيئًا”. إنَّ الاستعمال السيِّئ لتلك التقنيات جعلها مدخلاً جديدًا من مداخل الشيطان، وأحد البوابات التي ساهمتْ في تدهور القِيم، وانفلات الأخلاق، كما أنَّها أضحتْ تمثِّل سببًا من أسباب هدْم الأُسر، وتفكك بيوتات المسلمين.