من محاسن الشريعة الإسلامية

 من محاسن الشريعة الإسلامية

إن دين الإسلام العظيم القويم هو خاتمة وخلاصة الأديان السماوية السابقة، قد اشتمل على خير وأحسن ما فيها، وضمنه ربنا تبارك وتعالى تشريعات وأحكاماً ليست فيها مصلحة للأنام، وصالحة إلى آخر الأيام، فما في الكتب الإلهية المتقدمة من تشريعات حسنة فقد ضمن الله الإسلام مثلها وأحسن منها، وما فيها من تشريعات مؤقتة فقد انتهت بانتهاء توقيتها، وفناء أهلها المخاطبين بها ولذا نسخها الله تعالى بالقرآن العظيم وهدي الرسول الكريم، وأغنى بهما عنها، وما طرأ عليها من التحريف والتبديل لألفاظ نصوصها ومعانيها وكيفية العمل بها، فقد تضمن ما بلغه النبي صلى الله عليه وسلم من القرآن والهدي والبيان على صحيح نصه، وواضح حكمه، وأحسن كيفية لتطبيقه وتحقيقه مع يسر أمره، وأما ما في تلك الكتب السابقة من الآصار والأغلال التي اقتضت الحكمة الإلهية تكليف أهلها بها فقد عافا الله تبارك وتعالى هذه الأمة منها لطفاً ورحمة بها، فكان القرآن العظيم بحق: ” وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ ” المائدة:48، أي: موافقاً ومؤكداً على أحسن ما فيها، وناسخاً لما كان مؤقتاً من أحكامها وما لا تحتاج الأمة إليه، ومشتملاً على أحكام جديدة صالحة مصلحة للأمة، فأغنى الله بالقرآن وهدي النبي صلى الله عليه وسلم عنها.

ولما اقتضت حكمة الله تبارك وتعالى أن يكون رسوله محمداً صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين وأشرف وأعظم المرسلين وأكمل أسوة للمؤمنين، وأن يكون دينه خير وأعظم وأكمل دين، وآخر ما يتعبد به لله رب العالمين قبل يوم الدين، اقتضت حكمة الله كذلك أن يكون دينه كاملاً ، سمحاً ميسراً مراعياً للحال والزمان، وكثر فيه من الشرائع والخصال المكفرة للسيئات والمضاعفة للحسنات، والتي ترفع العبد درجات، وجعل فيه مواسم فاضلة، وخص أماكن مباركة يضاعف فيها العمل والثواب، ونوَّع فيه الأعمال الصالحات. وفوق هذا كله أن المحسن في الإسلام يجزي بمعدل أحسن عمله، ويضاعف له ثوابه، ولم يؤاخذ على إساءته في الجهل، ويعطى زيادة على ذلك ثواباً غير مقابل عمل، وكذلكم ينتفع المسلم في الإسلام بعد موته بدعوات الداعين، وصدقات المحسنين، وشفاعة الشافعين المرضيين، وتطول رب العالمين الرحمن الرحيم بالعفو عنه، والمغفرة له يوم الدين.

ومن محاسن هذا الدين وتفضل الله تبارك وتعالى به أهله على من قبلهم من المؤمنين أن الله تعالى جعل أمة محمد صلى الله عليه وسلم خير أمة أخرجت للناس، وهم الأمة الوسط العدول الخيار الشهداء يوم القيامة على الناس، وهم أكثر الأمم مؤمناً برب العالمين، وأكثرها تابعاً لرسولها محمد خاتم النبيين، وأكرمها يوم القيامة على رب العالمين، وهم أول أمة يقضى بينها قبل الخلائق وأكثرها وارداً لحوضه صلى الله عليه وسلم الذي يطرد عنه كل مرتد ومنافق، وهم أول من يجوز الصراط وأول أمة تدخل الجنة، وهم أكثر أهل الجنة فإنهم ثلثا أهل الجنة، وخاصتهم أشراف أهل الجنة بعد المرسلين والنبيين صلوات ربي وسلامه عليهم أجمعين.