من كنوز الخير

 من كنوز الخير

والصبر منزل من منازل المتقين، وقد وصف الله تعالى الصابرين بأوصاف عديدة، وذكر الصبر في القرآن في تسعين موضعًا، كما قال الإمام أحمد رحمه الله. وقد جعل الله سبحانه وتعالى ثواب المتخلقين بهذا الخُلق الجليل الدرجات العُلى، وجعله صفة للهداية؛ فقال سبحانه: ” وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ ” السجدة: 24، ووعد الله سبحانه الصابرين بالأجور العظيمة دون نقصان، فقال سبحانه” وَلَنَجْزِيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُوا أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ” النحل: 96، وقوله تعالى: ” أُولَئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُوا ” القصص: 54. ثم انظر إلى هذا الفضل العظيم من صاحب الفضل والمنَّة سبحانه وتعالى حيث جعل الأجر على الصبر بلا حساب، فما من قربة إلا ولها أجر مقدَّر إلا الصبر؛ قال تعالى: ” إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ ” الزمر: 10.

وكذلك من أعظم ما نراه في الصبر من كلام الله سبحانه وتعالى أنه علَّق النَّصر بالصَّبر، حيث قال في كتابه الجليل: ” بَلَى إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ ” آل عمران:125، وقد حثَّ نبيُّنا صلى الله عليه وسلم على الصبر ورغَّب أصحابَه فيه، فقد كان صلى الله عليه وسلم قدوتهم الأولى ومثلهم الأعلى في الصبر وتحمُّل الأذى، فالحديث عن صبر النبي صلى الله عليه وسلم هو الحديث عن حياته كلِّها، فقد كانت حياته صلى الله عليه وسلم صبرًا لا ينقطع منذ أن نزلت عليه أول آية وحتى آخر لحظة في حياته. والصبر ضياءٌ ونور للمؤمن، كما أخبر بذلك صلى الله عليه وسلم عندما قال: “الصبر ضياء” أخرجه مسلم. وقال صلى الله عليه وسلم “عجبًا لأمر المؤمن إن أمره كلَّه خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سرَّاء شكر فكان خيرًا له، وإن أصابته ضرَّاء صبر فكان خيرًا له” أخرجه مسلم.