إن من أظلم الظلم، وأعظم الإثم: الإشراك بالله؛ ” إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ ” المائدة: 72. ومن صور الشرك: شد الرِّحال لزيارة قُبُور الأنبياء والصالحين، والاستغاثة بهم، وطَلَب قضاء الحوائج، وشفاء المرضَى، إلى غير ذلك؛ والله جل وعلا يقول ” أَمْ مَنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلاً مَا تَذَكَّرُونَ ” النمل: 62، ويقول سبحانه: ” وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ” البقرة: 186. وزيارة القبور عامة إن كان القصدُ منها الزيارة الشرعية، فهذا لا بأس به، والزيارة الشرعية: أن يزورَ الرجل المقابر، ويسلِّم على أهلها؛ كما هي سُنَّة النبي صلى الله عليه وسلم بأن يزورَ المسلمُ المقابر، ويدعو لأهلها، ويقول “السلام عليكم أهل الدِّيار من المسلمين والمؤمنين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، يغفر الله لنا ولكم، اللهم لا تحرمنا أجرهم، ولا تفتنَّا بعدهم”. فهذا سنة حثَّ النبيُّ صلى الله عليه وسلم عليها، وأخبر أنها تُذَكِّر الآخرة.
أما الزيارات الشِّركيَّة، والتي يفعلها بعضُ الجَهَلة، الذين يظنون أن بعض أصحاب القبور يستطيعون أن يشفوا المرضى، أو يقضوا الحوائج، ويأمرون الناس بالذهاب إلى المقابر، قبر الولي الفلاني، أو السيد الفلاني، ويطلبون منهم المدد، وما إلى ذلك فإن ذلك شِرْك عظيم. إن الغلوُّ في قُبُور الأنبياء والصالحين، واتِّخاذها مساجد، وبناء القبب عليها، وإسراجها بالشموع والأضواء ممَّا نهى عنه نبينا صلى الله عليه وسلم وعدَّه مظهرًا من مظاهرِ الشِّرك؛ قال: “اللهم لا تجعل قبرِي وَثَنًا يُعبَد، اشتدَّ غضبُ الله على قومٍ اتخذوا قبورَ أنبيَائِهم مساجد” أخرجه مالك في “الموطأ” وفي البخاري: أن عائشة وعبد الله بن عباس رضي الله عنهما قالا: “لما نزل برسول الله الموت طفق يطرح خميصة على وجهه، فإذا اغتم بها كشفها عن وجهه، فقال وهو كذلك “لعنةُ الله على اليهود والنصارى، اتَّخذوا قبور أنبيائهم مساجد” يحذر ما صنعوا. وقال عليه الصلاة والسلام “إن من شرار الناس مَن تدركهم الساعة وهم أحياء، والذين يتخذون القبور مساجد” رواه أحمد.