من صور التكافل في الإسلام

من صور التكافل في الإسلام

الإسلام بتشريعه الخالد ومبادئه السامية، وأنظمته العادلة، وتوجيهاته الصادقة حقَّق للمجتمع أرقى صُوَر التكافل بالمفهوم الواسع الشامل. والعجيب الغريب أن بعض المجتمعات الغربية تفتخر أنها حققت نوعًا من أنواع التكافل وهو التكافل المعيشي، ونسي هؤلاء أو تناسَوا أن الإسلام حقق التكافل بكل صُوَره، وبشكل واقعي حيٍّ ملموس، ونصوص الكتاب والسُّنَّة شاهدة على ذلك، وواقع المجتمع المدني يُثبت هذه التجربة الواقعية في الحياة.

أولا: التكافل الأخلاقي: الإسلام يَعتبر المجتمعَ المسلمَ مسؤولًا عن صيانة الأخلاق العامَّة؛ لأن فيها الحفظَ له مِن الفوضى والفساد والانحلال؛ ولذا أوجَب على المجتمع منْع الأفراد من الجرائم، ورتَّب عليها العقوبات الرادعة التي يقوم بها المجتمع؛ قال تعالى: ” وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنكَرِ ” التوبة: 71. والمجتمع الذي يَشِيع فيه الفسادُ، ولا يأخذ على يد المجرمين والعابثين، تتزلزل أركانه، ويسقط بنيانه، ويصبح أثرًا بعد عين؛ قال تعالى: ” وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ” الأنفال: 25.

ثانيا: التكافل الاقتصادي: اهتمَّ الإسلامُ بالجانب الاقتصادي اهتمامًا بالغًا، ونَدَبَ إلى توجيه الثروة فيما يخدم مصلحة المسلمين، ولهذا حرم الإسلام الاحتكارَ، وطالب بالأخذ على أيدي المحتكِرين؛ لأنهم يُضيِّقون على الناس معاشَهم وأرزاقَهم، كما أن الإسلام مَنَعَ مِن تَرْكِ الثروةِ في أيدي الناس العابثين، سفهاء الأحلام، الذين يتلاعبون بالثروات كيفما شاؤوا؛ قال تعالى: ” وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمْ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا ” النساء: 5. وقد حَثَّ الإسلامُ المسلمين على أن يكُونوا وسطًا في الإنفاق بين الإسراف والتقتير؛ قال تعالى: ” وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا ” الإسراء: 29.

ثالثا: التكافل العائلي: اهتمَّ الإسلامُ بالأسرة اهتمامًا كبيرًا؛ فهي محضن الأجيال التي تُعِدُّ أبناءها إعدادًا خاصًّا إعدادًا عقليًّا وجسميًا وسلوكيًّا، وعلى قدْر هذا الإعداد تكُون النتائج، وهنا تصبح أسس المجتمع قويةً متماسكة، تصمد أمام التيارات والرياح العاتية، والتكافلُ العائلي يقوم بين الأصول والفروع والأقارب عمومًا، ويتضح جليًّا في قضايا النفقات والميراث والدِّيَات.