من ربوع بلادي…مقومات طبيعية هائلة بانتظار التفاتة جادة..شاطئ القادوس… ساحر العقول ومالك القلوب

elmaouid

تشهد الشواطئ الجزائرية إقبالا لافتا منذ بداية موسم الاصطياف، وحتى قبيله، بسبب الارتفاع المحسوس لدرجات الحرارة التي جعلت البحر خيارا لا بديل له للشباب والعائلات الجزائرية، التي وإن قلّ توافدها على

البحر خلال رمضان إلا أنه لم ينقطع بالكامل خاصة خلال السهرات ومواعيد الإفطار، أما خلال الأيام التي أعقبت الشهر الفضيل ويومي العيد، فقد شهدت الشواطئ توافدا كبيرا للعائلات.

وجهتنا اليوم هي شاطئ القادوس الذي يعد من بين أهم الشواطئ التي تقصدها الأسر الجزائرية، هذا الشاطئ الواقع بين بحيرة الرغاية وغابة الصنوبر البالغة الروعة والجمال والتي لا تقل مساحتها عن الهكتار والنصف.

يقع شاطئ القادوس المعروف وطنيا، ببلدية هراوة شرق العاصمة، والذي اختير كأحسن شاطئ بولاية الجزائر من بين الـ 14 شاطئا التي تم تصنيفها شواطئ مثالية عبر الوطن لموسم الاصطياف لسنة 2015.

 

 القادوس.. الشاطئ الذي سحر عقول العاصميين وملك قلوب البومرداسيين

يعد شاطئ القادوس الواقع ببلدية هراوة شرق العاصمة من أجمل شواطئ الجزائر كونه يتميز بمناظر لا يمكن أن نجدها بالعديد من شواطئ العاصمة التي تبقى هي الأخرى لا تخلو من الجمال والمناظر السحرية، وقد زاد من روعة هذا الشاطئ تمركزه بين بحيرة الرغاية الساحرة وغابة هراوة الشاسعة التي أعطت أشجارها واخضرارها شاطئ القادوس مسحة جمالية أبهرت طيلة سنوات العديد من المصطافين والعائلات الجزائرية، وطيلة سنوات مضت طالبت العديد من الجهات والمواطنين بصفة عامة بتهيئة هذا الشاطئ

وجعله في المستوى اللائق به الذي يمكنه من تقديم خدمات في مستوى العدد الهائل من المصطافين الذين يختارون في كل سنة هذا الشاطئ للراحة والاستجمام خلال العطلة الصيفية.

 

المصطافون يشكلون ازدحاما حتى في محطات البنزين والطرقات

استقبلت الشواطئ الجزائرية المصطافين بشكل عام والعائلات على وجه الخصوص، حيث عرفت الطرقات المؤدية إلى الشواطئ على غير العادة ازدحاما كبيرا خاصة خلال عطلة نهاية الأسبوع الجمعة والسبت، منذ ساعات الصباح الأولى، حيث تحاول كل عائلة الخروج مبكرا من أجل تجنب الازدحام وكذا حجز مكان مناسب على الشاطئ، ورغم حالات القلق التي بدت على السائقين ومرافقيهم، إلا أن التعب سرعان ما زال عند بلوغ الشاطئ ومعانقة الأمواج الباردة، على غرار عائلة السيدة “جميلة”، موظفة في شركة وطنية التقيناها مرفوقة بثـلاثـة من أبنائها دون زوجها المتواجد في مهمة عمل في ولاية أخرى، بصدد انتظار دورها لتعبئة البنزين في طريقها إلى شاطئ القادوس، قالت ”لم يسبق أن قصدت الشاطئ دون زوجي، غير أن هذه الحرارة المرتفعة لا يطفئ لهيبها إلا البحر، ويستحيل معها البقاء في البيت”، تقاطعها ابنتها التي بدت عليها الفرحة لتقول: “بعد أشهر من التعب والجهد والتعب من التحضير لشهادة التعليم الأساسي، سأقصد البحر لأتخلص من التعب الذي سيبتلعه البحر”، تقول ضاحكة،

وبمجرد وصولنا إلى شاطئ القادوس، وجدنا أن الحرارة المرتفعة التي ميزت العاصمة هذه الأيام أخرجت العائلات العاصمية والبومرداسية وحتى من بعض الولايات المجاورة من بيوتها صوب الشاطئ الذي امتلأ عن آخره.

 

 

شباب “الباركينغ”.. من أجل المساعدة والحماية

أول ما تلاحظه عند وصولك لشاطئ القادوس هو “الباركينغ” الممتلئ عن آخره، ما يجعل حصولك على مكان لركن السيارة صعبا ولكنه غير مستحيل نظرا لوجود مجموعة من الشباب العاملين على تسهيل عملية ركن السيارة وكذا حمايتها، كما تلاحظ على لوحات ترقيم السيارات أنها قادمة من مختلف ولايات الوطن وجهاته والتي توحدت وجهتها ورغبتها في الاستمتاع بزرقة البحر وبرودة مياهه.

 

توافد كبير وإقبال معتبر للعائلات والمصطافين

لم تتردد العديد من العائلات في اختيار شاطئ القادوس للاستمتاع بنسيمه وأخذ قسط من الراحة والاستجمام في هذا المكان الساحر الذي جمع بين النظافة والجمال، لم يخف المصطافون أنه أصبح يبهرهم بالإضافة إلى مناظره الطبيعية بنوعية الخدمات المقدمة والنظافة التي ألحت العديد من العائلات المصطافة على توفرها، وهي الأهم حسب إحدى السيدات التي اعترفت بأنها تنسى كل همومها بمجرد دخولها شاطئ القادوس، ويشاطرها مصطاف شاب الرأي ليؤكد التطور الملحوظ المسجل على مستوى الاستقبال والخدمات المتوفرة بالشاطئ ومنه على وجه الخصوص النشاطات الترفيهية والرياضية التي برزت خلال هذا الموسم لتستقطب المزيد من الشباب والأطفال الذين تفاجأوا عندما وجدوا طلبة من المعاهد السياحية والمدرسة الوطنية للفندقة في استقبالهم بمركز الاستقبال المقام بشاطئ القادوس، إلا أن نفس المصطاف يأمل في أن تكون ظروف الاصطياف أحسن خلال الموسم القادم في شاطئ القادوس وفي كل شواطئنا.

 

شوارع هراوة شبه خالية

وبدت معظم شوارع وأزقة البلديات خالية من المارة لساعات طويلة، حيث فضّل الجميع الاستمتاع بزرقة المياه وظلال أشجار الغابات، خاصة أن الأطفال في عطلة.

وبالمقابل، شهدت مختلف الطرق المؤدية إلى الشواطئ طوابير طويلة من السيارات تحمل أرقاما مختلفة لعدة ولايات، في الوقت الذي ضاعفت فيه مصالح الأمن والدرك الوطني نشاطها للحفاظ على سلامة المواطنين.

وتزامن هذا مع انقضاء الشهر الفضيل إضافة إلى أنه لم يبق من العطلة الصيفية إلا القليل، حيث هربت العائلات من المنزل نحو الشواطئ دون تردد، فرادى وجماعات، للتمتع بنسمات باردة بعيدا عن حرارة البيت التي لم تستطع حتى مكيّفات الهواء التقليل منها، وبدا شاطئ القادوس مكتظا برواده، حتى أصبح من الصعب إيجاد مكان مناسب مقابله بالنسبة للقادمين إليه في الفترة المسائية، حيث اكتسحت العائلات الوافدة من المدن والولايات المجاورة والداخلية للوطن، على غرار البويرة، المدية، سطيف، حيث صار صعبا على العديد من العائلات بلوغه بسبب الطوابير الطويلة من السيارات، ما جعل العائلات القاطنة بالقرب منه تنتقل إليه مشيا على الأقدام بسبب الضغط الكبير.

وامتلأت الشواطئ عن آخرها بالمصطافين منذ الساعات الأولى لعطلة نهاية الأسبوع المتزامنة مع العيد، حتى أصبح من الصعب إيجاد مكان فارغ لنصب الشمسيات.

 

 

مرافق عمومية من أجل راحة المصطاف

ارتأت الجهات المعنية وعلى رأسها وزارة السياحة إلا أن يصنف هذا الشاطئ الجميل شاطئ القادوس كأحسن شاطئ بولاية الجزائر، ومن أحسن الشواطئ على المستوى الوطني ليؤخذ كمثال من حيث التكفل والاستقبال الحسن للمصطافين، وهو يتوفر على كل الظروف التي من شأنها أن تضمن راحة المصطاف من مراحيض ومرشات الحمام والحراسة الطبية وحظيرة لركن السيارات، إضافة إلى إلحاق طبيب يعمل طيلة ساعات اليوم ضمن فرقة مصالح الحماية المدنية العاملة بعين المكان.

 

أشغال تهيئة مست المكان

وقد استفاد شاطئ القادوس قبل الإفتتاح الرسمي لموسم الاصطياف من أشغال تهيئة انقسمت إلى أربعة محاور، ويخص المحور الأول كل ما يتعلق بتسيير التجهيزات والهياكل، ويتمثل الثاني في الجانب السياحي والترفيهي، ليتعلق المحوران المتبقيان بتحسين فضاءات الاستقبال وترقية الإعلام والاتصال.

 

“الشاي الصحراوي” يضيف نكهة مميزة لشاطئ القادوس

يجد المصطاف في شاطئ “القادوس” نفسه أمام حركة دؤوبة لبائعي الشاي، الذي قام البعض منهم ببناء كوخ من القصب لبيع الشاي والمكسرات ، وبين باعة الشاي في هذا الشاطئ نجد “حسان” وهو واحد من الذين أتوا إلى العاصمة من أجل تحسين حالته الاجتماعية، وهو متعود على البيع في شاطئ القادوس منذ ما يقارب الثلاث سنوات، سألناه عن ذلك فقال: “بعد سنين من العمل أصبح لي اليوم زبائني الذين يفضّلون الشاي المحضّر على الطريقة الصحراوية التي تعوّدت عليها منذ صغري، فأنا من ولاية بشار جئت إلى العاصمة بحثا عن مصدر رزق يفتح لي أبوابا جديدة في حياتي”، وردا عن سؤالنا عن السبب الذي جعله يأخذ قرار الذهاب إلى العاصمة، رد قائلا: “في الحقيقة أخبرني عن الأمر أحد أبناء الحي الذي أقطن فيه، فهو كان يدرس الطب هنا وكان في كل سنة يعود إلى الحي لقضاء عطلته الصيفية مع أهله، لذلك وفي إحدى جلسات السمر أخبرني عن مهنة تحضير وبيع الشاي الصحراوي وما يلقاه من رواج، فما كان مني إلا أن حزمت أمتعتي والتنقل إلى العاصمة، وبالفعل وجدت الأمر كما وصفه لي، وأنا اليوم أستمتع بالشواطئ التي لم أكن أعرفها سوى عبر شاشة التلفاز، وهي تدر عليّ كثيرا من المال، بل وجدت في العاصمة أناسا كثر يحبون أهل الصحراء ويصفونهم دائما بالجود والكرم”، أثناء حديثنا إلى بائع الشاي جاءت السيدة “حكيمة” بغية شراء الشاي، سألناها عن سبب إقبالها عليه، فقالت: “الأكيد أنّ الشّاي الصّحراوي يتميز بنكهة خاصة جدا جعلته يحتل المرتبة الأولى ولا ينازعه فيه شيء، ولعله الشيء الذي يفسر التهافت الذي يعرفه بائعوه على الشواطئ أو في أي مكان آخر، ولست الوحيدة التي ترى ذلك فالجميع يتّفق حول نكهته الخاصة جدا، لم نتعوّد عليها في العاصمة أو في المدن الساحلية عامة”.

وفي كثير من الأحيان ترى باعة الشاي ينصبون طاولاتهم على الشاطئ فيضعون سلعهم المتمثلة في مجموعة من الأباريق النحاسية التي يحضرون فيها الشاي، وموقدا يعمل بالغاز وسِلل أو أوعية بلاستيكية مملوءة بالفول السوداني أو اللوز وبعض المكسرات الأخرى التي تستهلك عادة مع الشاي، فيما يفضّل البعض الآخر حمل الإبريق النحاسي والتجول بين المصطافين مرددا بلهجته الصّحراوية “تشاي يرقرق”، وهي العبارة التي يعرفها جيدا كل مصطاف في شاطئ القادوس وغيره من الشواطئ المجاورة”.

“لامية” هي الأخرى سيدة التقيناها بشاطئ “القادوس” تتناول الشاي الصحراوي مع بعض المكسرات، اشترتها من أحد الباعة المتجولين في المكان، حدثتنا عن حبها للشاي الصحراوي فقالت: “في الحقيقة هو شاي له طعم ونكهة خاصة جدا، حاولت كثيرا تجريب تحضيره ولكن دون جدوى، فالسر لا يمكن معرفته أبدا، لذلك رضخت للأمر وأصبحت أتناوله بصفة دورية حتى في رمضان كان أحد الباعة الصحراويين يحضره لي لسهرة رمضانية متميزة، ومنذ بداية تردّدي على الشاطئ لا أستطيع مقاومة نكهته، لذلك تراني أشتريه كلّما جئت إلى شاطئ القادوس”.