ولاية مستغانم.. من أشهر المدن الساحلية الجزائرية، لما تزخر به من شواطئ ساحرة ومناظر طبيعية خلابة، فشريطها الساحلي الممتد من شاطئ سيدي منصور غربا إلى شاطئ البحارة شرقا، يفتح ذراعيه في كل صائفة لاستقبال ضيوفه على مدار موسم الإصطياف، فعشاق الطبيعة والمولعون بزرقة البحر يجدون ضالتهم في مدينة مستغانم التي امتزجت فيها أمواج البحر الزرقاء بالرمال الذهبية والغابات الخضراء الكثيفة المطلة على ضفاف البحر المتوسط، وتعود تسمية مستغانم إلى عدة تسميات منها “مشتة غانم” بمعنى محطة لأكبر مربي الغنم، أو “مرسى غنم” بمعنى مرفأ الغنيمة، أو “مسك الغنم” بمعنى هجر القطيع، أو “مستغاليم” بمعنى القصب في اللهجة البربرية.
مساحة شاسعة ومؤهلات واعدة
تقع ولاية مستغانم في الشمال الغربي من بلدنا، وتتربع على مساحة تقدّر بـ 2269 كيلومترا مربعا، وتضم 32 بلدية، وهي ولاية سياحية بامتياز لتوفرها على شريط ساحلي يطل على البحر الأبيض المتوسط يقدّر بـ 124 كيلومترا، يمتد من شاطئ سيدي منصور غربا إلى شاطئ البحارة ببلدية أولاد غالم شرقا.
تتوفر على 55 شاطئا، منها 28 شاطئا مفتوحة للسباحة. وتُعتبر ولاية مستغانم من المدن الساحلية الجذابة لتمتّعها بجمالها الطبيعي؛ مما جعلها وجهة سياحية بامتياز، كما تزخر بالعديد من الأماكن رائعة الجمال التي تجعلها قطبا سياحيا هاما؛ سواء تعلق الأمر بمناطقها السياحية أو بشواطئها الساحرة أو معالمها التي عايشتها المنطقة. هذا، وتُعد ولاية مستغانم من المدن الساحلية المعروفة والمقصودة؛ لما تزخر به من شواطئ عذراء ومناظر طبيعية خلابة وفتّانة، فهي قِبلة ملايين المصطافين من داخل وخارج الوطن؛ لما تمتاز به من زرقة البحر ورمال ذهبية وكثافة غاباتها المطلة على ضفاف المتوسط، بالإضافة إلى الوديان الجارية التي زادتها سحرا وجمالا، ناهيك عن جبال الدهرة الممتدة على كامل هذه الشواطئ.
ملايين المصطافين يقصدون مستغانم
تشهد شواطئ مستغانم إقبالا كبيرا من المصطافين، وغالبا ما يصل عددهم إلى أربعة ملايين مصطاف خلال كل موسم، من مختلف بلديات الولاية إضافة إلى المدن الداخلية المجاورة مثل غليزان، معسكر، تيارت وتيسمسيلت، باعتبار هذه الشواطئ هي الأقرب إليهم من جهة ونظرا لجمالها الساحر ورمالها الذهبية من جهة أخرى، ويزداد هذا الإقبال مع نهاية الأسبوع أين تفضل معظم العائلات أخذ قسط من الراحة ولن تجد مكانا أفضل من صابلات، صلامندر، أوريعة وغيرها من الشواطئ التي تستقطب جميع المواطنين من مختلف الأعمار، خاصة أنها تعرف قدرا كبيرا من الأمن والنظام مما يجعل العائلات تشعر بالطمأنينة والإرتياح وهذا ما يتجلى في رؤية الأطفال مع عائلاتهم يستمتعون بروعة وجمال الشواطئ الخلابة.
السياحة الشاطئية ميزة المنطقة
ومن بين أنواع السياحة التي تتميز بها مستغانم، نجد السياحة الشاطئية التي تعد الأكثر إقبالا بحكم العدد الكبير لشواطئ الولاية وشساعتها وصفاء رمالها الذهبية منها 23 شاطئا مفتوحا ونذكر الأهم منها وهو شاطئ الرمال “صابلات سابقا” المعروف وطنيا وجهويا، لأن المصطافين يقصدونه حتى من خارج الوطن بمن فيهم المهاجرون الذين يقضون عطلتهم برحاب ولاية مستغانم والشاطئان الأخريان هما عين ابراهيم والميناء الصغير الواقعان ببلدية سيدي لخضر في منطقة الظهرة ونجد معظم العائلات تقضي موسمها الصيفي بهما، والنوع الثاني من السياحة بمستغانم هي السياحة الثقافية فمجموعة المعالم الأثرية المتواجدة عبر تراب الولاية، والتي برز مرور عدة حضارات في أبعادها الزمنية وكذا تلك التظاهرات الدينية والشعائرية والمهرجانات الثقافية التي تنظم سنويا.
الزوايا والأضرحة مقصد آخر للسياح
توجد مجموعة من الزوايا والأضرحة للأولياء الصالحين بولاية مستغانم، منها الزاوية العلوية، العيساوية، السنوسية، البوزيدية، التيجانية وغيرها، ويتجلى ذلك من خلال الأضرحة الموجودة على مستوى الولاية، والتي تجلب السياح خلال الوعدات، منها وعدة سيدي لخضر بن خلوف، التي أصبحت مهرجانا لمدة أسبوع كامل تحضّر فيها أكلة “الطعام”، التي تعبّر عن عادات وتقاليد المنطقة، إلى جانب طعام سيدي بلقاسم، طعام سيدي بن دهيبة وطعام سيدي شارف. كما عرفت هذه الزوايا نقلة نوعية في السياحة بتنظيم ملتقيات وطنية ودولية، مثل الملتقى العالمي الذي نُظم خلال شهر ماي حول الطريقة الصوفية، يقول محدثنا، بحيث تجلب هذه المناسبات السياح من مختلف ولايات الوطن، فولاية مستغانم مدينة غنية جدا بالمعالم الأثرية، التي هي رمز للحضارات التي مرت على المنطقة، نذكر منها ضريح الولي الصالح “سيدي لخضر بن خلوف”، الذي هو القبلة الأولى للزوار الذين يتوافدون بأعداد هائلة من داخل وخارج الولاية وحتى من خارج البلد، فديوان شعر سيدي لخضر بن خلوف شكّل على مر العصور مصدر إلهام عشرات مطربي الغناء الشعبي في الجزائر، بحيث تتنوع الطبوع الغنائية في مستغانم من الشعبي، الأندلسي والبدوي، فهي ولاية غنية بالعديد من الزوايا والأضرحة التي ألهمت وجلبت فرقا موسيقية روحانية، منها العيساوة عند النساء والمداحات بغناء القصيدة في الطابع الشعبي والأندلسي، والخاصة بقصائد مداح الرسول صلى الله عليه وسلم سيدي لخضر بن خلوف وكذا الغناء البدوي الخاص بالشيخ حمادة رحمه الله.
طبيعة عذراء ومتنوعة
تستقطب ولاية مستغانم ملايين السياح سنويا لما تمتاز به من طبيعة عذراء وخلابة، فبغض النظر عن الشريط الساحلي فهي تضم مساحات كبيرة من الأشجار، فأزيد من 14 في المائة من مساحتها يضم غابات الكاليتوس والصنوبر، منها غابة ستيديا، سوافلية، زريفة، سيدي منصور، كاف لصفر، شاوشي ورمضان. وبالإضافة إلى ذلك يوجد بها بحيرة “المقطع” التي تتربع على مساحة 23 ألف هكتار، وهي مصنفة كمنطقة محمية وتقع بغرب الولاية، وهي من بين المناطق الرطبة القليلة في الغرب الجزائري. وتوفر طاقة كبيرة في مجال السياحة العلمية والبيئية، وهي بذلك تعتبر الملاذ المثالي للعديد من الطيور المهاجرة مثل الحجل، البجع وأنواع أخرى من السمك.
أما بخصوص الغابات فولاية مستغانم تزخر بغابات جميلة جدا؛ كغابات السداوة، بن عبد المالك رمضان، الشواشي، سيدي منصور، الصفصاف وغيرها. إلى جانب ذلك فالولاية توجد بها مغارات عديدة، نذكر منها مغارة الكاف لصفر، ماسرى وعين نويصي، ناهيك عن الشلالات الرائعة.
المعالم الأثرية.. دليل من مروا من هنا
عرفت مستغانم حقبات تاريخية وحضارات مختلفة، وهي بذلك تُعتبر مفترق الثقافات، فهي تمتاز بالزوايا والأضرحة للأولياء الصالحين، بحيث تشهد الولاية في كل سنة، تظاهرة وعدة سيدي لخضر بن خلوف، مهرجان الشعر الملحون، مهرجان مسرح الهواة وغير ذلك، كما أنها تمتاز بأشكال سياحية تؤهلها لأن تصبح قطبا سياحيا بامتياز؛ مما يشجع الاستثمار السياحي في المنطقة.
ومعروف أن كل حضارة مرت على هذه المنطقة تركت آثارا بارزة، تجلت في المعالم المعمارية، فمستغانم لها تاريخ عريق وثقافة أصيلة، ولها عدد من المواقع الثقافية والتاريخية ذات قيمة كبيرة، نذكر منها: المسجد العتيق الذي تأسس في 1340 من طرف السلطان أبي الحسن بن عثمان، والذي عرف تغييرات، وتم ترميمه في 1998، ثم تم تصنيفه من طرف وزارة الثقافة.
دار القايد التي تحولت إلى متحف للفنون الشعبية وكانت الإقامة الخاصة لممثل الباي لمعسكر المعروفة بدار حميد العبد، التي أسسها حميد العبد، وهو أمير البايلك في العهد العثماني، وكانت تسمى “دار المفتي”، وكان يسكنها مفتي مستغانم قارة مصطفى. دار الشعراء وهو قصر الشعراء، تأسس في 1732 بأمر من الباي محمد الكبير الذي كان أحد إشعاعات الشعراء والمثقفين.
حصن العرصة الموجود بأعالي مدينة مستغانم في الأحياء القديمة لها، بالإضافة إلى ذلك توجد 4 متاحف تحافظ على الذاكرة التاريخية المتعلقة بتاريخ مستغانم، وهي متحف المجاهد المتواجد بساحة الثورة، متحف باي بوشلاغم وزوجته لالة عيشوش، متحف دار القايد الخاص بالفنون الشعبية، والمتحف الجهوي في طور الإنجاز بنواحي الخروبة خُصص للمحافظة على القطع الأثرية والأعمال الفنية التي شهدتها المنطقة الغربية للبلد خلال الحقبات التاريخية، ناهيك عن منارة كاب إيفي، أحياء تيجديت، المطمور والطبانة التي تشبه حي القصبة بالجزائر العاصمة، الميناء القديم بمنطقة البحارة، ودار بلدية مستغانم وصومعتها.
ميناء سلامان مقصد السياح
يستقبل ميناء سلامان بمستغانم العديد من السياح نظرا لموقعه الإستراتيجي الذي يستقطبهم، إضافة للأمن الذي يطبع عليه مما يسمح للكثير من العائلات بالتوجه إليه في الفترة المسائية، لما ينظمه من سهرات فنية لساعات متأخرة من الليل، بإحياء فرق غنائية تمثل كل واحدة منها طابعا خاصا تمتع الزائر بنغماتها، كما يشهد ميناء سلامان إقبالا كبيرا للمواطنين لما يعرضه من الأشياء التقليدية التي تبهر المتأمل فيها، من بواخر صغيرة وهدايا تذكارية، خصوصا أن الكثير يفضلون أن يأخذونها معهم لأصدقائهم وأقربائهم كرمز تذكاري من مدينة مستغانم، كما يتيح ميناء سلامان الفرصة للعديد من العائلات للذهاب في جولة بحرية ممتعة، متأملين من خلالها زرقة البحر والمناظر الخلابة التي تزهر بها مدينة مستغانم والتي تطل على أغلبية الشواطئ.
أهم الأماكن السياحية في مستغانم
تضم مدينة مستغانم الجزائر عددًا من أهم المناطق والأماكن السياحية في البلد والتي تُرضي مُختلف الأذواق، ويُمكن رصدها في المواقع التالية:
برج الترك
أحد أهم الأماكن السياحية في مستغانم التي يرجع تاريخها للحقبة العثمانية وتحديدًا خلال الفترة من القرن 16 إلى القرن 18، وهو بمثابة برج استطلاع عسكري يقع في طرف المدينة الشرقي ويُشرف على عدة أحياء تاريخية هي المطمر وتجديت من الغرب والعرصة من الشرق.
مسجد طبانة
تُعد السياحة الدينية التاريخية في مستغانم سياحة رائجة تستقطب أعدادا كبيرة من السياح المحليين والوافدين من مُختلف البلدان للاستمتاع بزيارة المعالم الأثرية العثمانية في مدينة مستغانم السياحية، وأبرزها هذا المسجد الذي يعود تاريخه للعام 1340 ميلاديًا في عهد السلطان الحسن بن السعيد المريني.
يتميّز المسجد باتساعه الفسيح وبواباته الداخلية المُقوّسة الثلاث التي تقود لغرفة الوضوء وساحة الصلاة ومركز تعليم القرآن، بالإضافة إلى مُصلى النساء.
يشتهر المسجد التاريخي أيضًا والذي شهد عدة ترميمات كان أكبرها عام 2004 بعدما شهده من تدمير في عهد الاستعمار الفرنسي للبلد، بمحرابه المُقبّب بقبة نصف دائرية وشاهدته الرخامية التي تُجاوره وتوثق تاريخ وتفاصيل بنائه.
بلدية سيدي لخضر بن خلوف
هي واحدة من أشهر المناطق السياحية في مستغانم التي تستقطب أعدادا كبيرة من السياح الذين يُفضّلون مستغانم سياحة وزيارة شاطئية دينية.
فالولاية تُضم نحو 23 شاطئا عاما ومفتوحا للجمهور، يُعد شاطئا عين إبراهيم والميناء الصغير ببلدة سيدي لخضر بن خلوف من أشهر شواطئ مستغانم الثلاثة على الإطلاق، حيث يتوافد عليهما المُصيفون من سكان الولاية المحليين والولايات المجاورة بمن في ذلك زوارها من السياح الأجانب لما تتمتع به شواطئ بن خلوف من طبيعة خلابة مياه صافية ورمال نقية وفرص رائعة للتسلية بالرياضات المائية والشاطئية التي تجتذب فئة الأطفال والمراهقين.
كما تضم البلدة مسجدا وضريحا يحمل اسمها وهما يخصان ولي من أولياء الله الصالحين الذين نشأوا وترعرعوا في مدينة مستغانم ويصل عددهم إلى 300 ولي، حيث يُمكنك خلال زيارتك للبلدة صيفًا وبالتحديد في شهر أوت حضور مولد بن خلوف السنوي والاستمتاع بعروض الخيل والفنون الغنائية والأفراح الشعبية وإطلاق البارود والقصائد الشعرية طوال الليل ولمدة 3 أيام.
حصن مستغانم
تُعد السياحة في مستغانم سياحة ثقافية تاريخية أيضًا، فالحصن الذي يعود تاريخه لعهد الخلافة العثمانية في الجزائر والذي شُيّد لتحصين وحماية المدينة من هجمات الأعداء آنذاك مُرتبط بست أبواب وأسوار للمراقبة أهمها: باب معسكر، باب العرصة، باب المرسي، باب مجاهر.
يقع الحصن بأعلى ربوة في حي العرصة الأثري في مدينة مستغانم، ويحمل أيضًا اسم حصن الشرق أو فور دو لاست، ويُعد أحد أهم المعالم الأثرية المُوصى بزيارتها في مدينة مستغانم.
منارة كاب ليفي
قد تكون شهرة مدينة مستغانم سياحة شاطئية، ولكن من لا يعلم عنها الكثير قد تفوته زيارة مواقعها الأثرية العريقة التي يرجع بعضها لعهد الخلافة العثمانية في الجزائر مثل منارة كاب ليفي أحد أشهر معالم جذب السياحة في مستغانم والتي تبعد عن الولاية بمسافة 25 كم في اتجاه الشمال الشرقي.
وتأتي أهمية المنارة كأحد أجمل الأماكن السياحية في مستغانم من امتداد إشعاعاتها الضوئية التي تصل إلى الميناء على بُعد 22 ميل بحري وارتفاع يصل إلى 18 مترا فوق مستوى سطح البحر.
قديمًا كانت المنارة تُستخدم لإرشاد السفن العثمانية للميناء أثناء الغزوات، الآن مزار سياحي يمر به السياح أثناء زيارتهم لشواطئ وميناء مدينة مستغانم الساحرة.
لمياء بن دعاس

