من ربوع بلادي: رحلة إلى واحدة من أقطاب السياحة الصحراوية والحموية في بلادنا “زلفانة”… حمامات معدنية يقصدها المئات.. وواحات نخيل تجلب السواح

elmaouid

جنة أرضية مطبوعة بفسيفساء مناخية وتضاريسية تغري السياح وتسلب عقول الزوار.. زادها الإرث التاريخي تألقا وروعة وإبهارا… وأضافت لها حماماتها قيمة صحية ونفسية جعلت المرضى والأصحاء معا يدمنون على زيارتها.. هي مدينة زلفانة   .. عذراء الطبيعة الصحراوية.

 

مدينة زلفانة واحدة من أكبر دوائر ولاية غرداية ومن أكثرها شهرة، تقع زلفانة على بعد 65 كلم من مقر ولاية غرداية، وعلى بعد حوالي 40 كلم شرقا عن طريق الوحدة الإفريقية، عن الطريق الوطني رقم 49 الرابط بين ولايتي غرداية وورقلة، أما عن العاصمة فتبعد زلفانة بـحوالي 665 كلم جنوب شرق كما لا تبعد عن مطار النوميرات الدولي مفدي زكريا إلا بـ 43 كلم، كما يحد مدينة زلفانة من الشمال بلدية القرارة ومن الجنوب بلدية متليلي التابعتين لولاية غرداية، أما من الشرق فتحدها ولاية ورقلة ومن الغرب بلدية العطف التابعة لولاية غرداية، أما مناخ زلفانة فهو مناخ صحراوي جاف في فصل الصيف وبارد شتاءً.

 

زلفانة.. حكاية مدينة عانت الجفاف فوهبها الله مجموعة ينابيع

زلفانة أو زلل فانة هي أسطورة تاريخية وحكاية مدينة التي يحكى عنها أنها عانت قديما من ويلات الجفاف وضيق العيش، ما جعل أهلها يعيشون حياة بؤس وشقاء، بل هناك من الروايات من قالت إن الحياة كادت أن تنعدم في زلفانة إلى أن حدثت معجزة الله عز وجل وحلت بركته  فانفجرت فيها منابع المياه المعدنية والحموية، واشتهرت بها وجلبت إليها السكان، هذه المنابع الحموية التي مازالت إلى غاية اليوم مرتكز السياحة الحموية المحلية، حيث تستقبل سنويا ما يقارب الـ 600 ألف زائر.

 

آبار تذيع صيت زلفانة وتصنع اسمها

كانت منطقة زلفانة قبل عمرانها نقطة لقاء وعبور باعتبارها المسلك الوحيد والملائم الرابط بين الجنوب الشرقي والجنوب الغربي والوسط، فقد كانت ملتقى جميع القوافل ذات الإتجاهات المختلفة، وعبر مختلف مناطق الوطن وأطرافه، فكانت منطقة لقاء وتبادل السلع والمقتنيات بين التجار المارين عبرها والمتنقلين عبر البلاد.

خاصة بعد أن عرفت زلفانة بعد تفجير أول بئر في بحر سنة 1947 حركة عمرانية كثيفة، حيث استقر بها السكان الوافدون من المدن المجاورة كمتليلي غرداية وورقلة خاصة منهم الفلاحين والموالين لممارسة أنشطتهم، هذه الآبار التي جعلت زلفانة تشتهر ويذيع اسمها.

 

القطب السياحي رقم واحد بالجنوب

أضحت زلفانة مدينة الحمامات المعدنية قبلة سياحية كبيرة يقصدها الزوار من كل حدب وصوب للاستجمام، الراحة والتداوي بمياهها المعدنية التي تتدفق بقوة عالية وبـ 45 درجة مئوية، كما تتميز هذه المياه بغناها بالمعادن خاصة منها الكلوريد والصوديوم، اللذان يتميزان بخصائص علاجية لمداواة مرضى الروماتيزم وبعض أمراض الجلد، الأعصاب والتنفس، جعلت منها قبلة السياح الذين يتوافدون عليها مع عائلاتهم لقضاء فترة من الراحة التي لا يجدوها في مكان آخر.

تعتبر حمامات زلفانة المعدنية أهم الأقطاب السياحية بجنوبنا، حيث تستقبل هذه المحطة الساحرة التي حافظت على مسحتها التقليدية وميزتها الطبيعية، العديد من الزوار والسياح الجزائريين والأجانب كذلك خاصة في فصلي الصيف والشتاء، اللذان يعرفان توافدا هائلا للزوار على هذه الحمامات، ولضمان راحة المتوافدين على هذه المدينة وحماماتها، بادر القائمون عليها بتوفير شبكة راقية من المرافق السياحية تضم أكثر من 5 أحواض حمامات فردية، 6 مسابح جماعية، وأماكن للراحة والاستجمام منها 9 فنادق تتناغم ديكوراتها مع الطبيعة الصحراوية للمنطقة، وتستقبل سنويا ما يزيد عن 600 ألف سائح بين أجانب أغرموا بزلفانة وعاودوا زيارتها وجزائريين أدمنوا حماماتها وصار ذلك بالنسبة إليهم تقليدا دوريا لا يجب التوقف عنه لما يمنحه من طاقة إيجابية وراحة نفسية تشحذ النفس وتدفعها للحياة، ولهذه الأسباب تشكّل المحطة المعدنية بزلفانة الواقعة على بعد 75 كلم شمال شرق عاصمة ولاية غرداية، الوجهة السياحية المفضلة لرواد السياحة الحموية ليس على المستوى الوطني فحسب وإنما على المستوى الدولي كذلك، وقد أصبحت هذه المحطة المعدنية النائمة على مقربة من كثبان الرمال الذهبية وواحات النخيل الباسقات والتي تعد من الثروات الهائلة من النخيل المنتج، مكانا للراحة والإستجمام يتردد عليه رواد الحمامات المعدنية وعشاق الطبيعة العذراء، حيث تلعب هذه الأخيرة دورا هاما في تجمع العائلات وضمان راحتهم الجسدية والنفسية.

 

للإستمتاع والراحة والباحثين عن الصحة

ويتخذ زوار زلفانة عاصمة الينابيع المعدنية، والذين يأتونها من كل ولايات الوطن بين مقيم وعابر سبيل، المدينة الحموية موقفا ضروريا للراحة والاستجمام.

وفي هذا الشأن، أكد أحد الزائرين لمدينة زلفانة والمدمنون على الإستحمام والتمتع بمياهها، أنه يستمتع كثيرا بحمام زلفانة، خاصة وأنه يعاني من مرض في عظامه، وهو يقصد حمام زلفانة من أجل إعادة تأهيل في الحركة، مضيفا أن المواطنين يبحثون عن الإستمتاع والراحة، لذا يقدمون إلى حمامات زلفانة التي تتسم بحسن استقبال العاملين فيها، كما أن كل ضروريات الإقامة المريحة متوفرة، ناهيك عن نوعية مياهها وتركيبتها الصحية المفيدة لمختلف أنواع أمراض الروماتيزم وغيره من الأمراض.

بينما كشف أحد السواح الذي زار زلفانة هذه السنة لأول مرة أنه قدم إلى زلفانة بعدما سمع كثيرا عن حماماتها وطبيعتها المريحة وتقاليدها العريقة، فقرر أن يزورها ويستمتع بكل ما تجود به طبيعتها وحماماتها وحتى أسواقها، وهو فعلا ما يؤكده غالبية من زاروا زلفانة الذين قالوا جميعا إن الرحلة إليها لا تكتمل إلا باقتناء هدية رمزية أو تذكار بديع من مدينة تتنوع فيها الصناعات التقليدية ببصمة محلية خالصة تجدها عند الحرفيين من السكان الأصليين لزلفانة.

هؤلاء الحرفيين الذين ينتشرون في سوق زلفانة الشهير يستمتعون بصناعاتهم وكذا باستقبال السواح من مختلف نواحي الوطن وخارجه أيضا، وفي هذا السياق كشف الحرفي “بلال” من سوق زلفانة بغرداية، أن عمله يعتبر عملا تقليديا، حيث يقوم ببيع الزرابي، إضافة إلى أشياء تقليدية أخرى ترمز للمنطقة وتقاليدها يحملها السواح عادة كهدايا لأحبابهم وذويهم وهناك من يحملها لتزيين ديكور بيته وجعله تقليديا يحمل بصمة زلفانة.

 

فرق فلكلورية تنير ظلام زلفانة وتمتع الزوار

وللتجول في أزقة زلفانة القديمة ليلا متعة خاصة، حيث يستمتع المتجول بوصلات لفرق فنية تتخذ من الإلهام موهبة تنير بها وحشة الظلام رغم قلة الإمكانيات، وهو حال فرقة الفنان بوعلام رحماني التي ذاع صيتها وسط السواح الذين اعتادوا السير في الظلام على أنغامها.

ويؤكد فنانو المنطقة أن الطابع الفني الذي تتميز به فرقهم يستقطب الكثير من السواح سواء الجزائريين أو الأجانب الذين لا يكتفون بالإستجمام بالحمامات المعدنية فقط، بل يتعدونه للإطلاع على تراث زلفانة العريق وتقاليدها الضاربة في العمق، وهو ما يوفره لهم الفنانون عبر وصلاتهم الموسيقية ورقصاتهم الشعبية رغم نقص الإمكانيات المادية التي تعاني منها الفرق في تلك المنطقة.

 

معالم تاريخية تعزز السياحة بالمنطقة

ورغم أن زلفانة اشتهرت بحماماتها المعدنية وسياحتها الحموية، إلا أنها تحوي العديد من المعالم والآثار التي تنتظر الإهتمام وحتى الإكتشاف، خاصة وأن زلفانة لم تكشف عن جميع أسرارها، وهي اليوم بأمس الحاجة إلى زيادة طاقاتها الإستيعابية حتى تتمكن من ولوج عالم السياحة الخارجية بكل جدارة، خاصة وأن خطواتها نحو ذلك ظلت محتشمة، وهناك في زلفانة بعض المعالم التاريخية التي يقصدها الزوار كمغارة الضباعي، وضريح الولي الصالح سيدي امحمد بورقبة الواقع على بعد 06 كلم طريق القرارة، وضريح الولي الصالح سيدي بوحفص بوغفالة.

 

نشاطات تجارية تساهم في تنشيط الحركة السياحية

وتساهم الفلاحة في مدينة زلفانة في منحها طابعها المميز وخلق جو يميزها عن غيرها من المناطق، خاصة وأنها تحتوي على موارد هامة من المياه المعدنية ذات الخصائص الفلاحية المعتبرة والعلاجية الهامة، ويتم استغلال هذه الموارد حاليا عبر النشاط الفلاحي المزدهر والحمامات المعدنية ذات المرافق الحديثة.

وتتدفق المياه في زلفانة بقوة عالية وبدرجة حرارة 45 درجة مئوية وهي غنية بالمعادن خاصة منها الكلورير والصوديوم، وتتميز مياهها بخصائص علاجية فعالة لمداواة مرضى الروماتيزم وبعض أمراض الجلد والأعصاب والتنفس، كما تتوفر زلفانة على شبكة ممتازة من المرافق السياحية لاستقبال الزوار كالحمامات المعدنية

والمسابح وأماكن الراحة والإستجمام.

إضافة إلى ذلك تنتشر في مدينة زلفانة صناعة النسيج الزرابي، صناعة الخيم التقليدية.

أما عن الصناعة، فإن أهم الصناعة المعروفة في زلفانة هي النفط والغاز بحقول منطقة واد نومر، حقل ضاية الخير، حقل بكوشات.

كما يوجد بزلفانة حركة تجارية صغيرة تتناسب مع احتياجات البلدية، فهي تغطي كافة متطلبات السكان والزوار من ملابس ومواد غذائية.. إضافة إلى السوق الأسبوعي الذي يقام كل يوم ثلاثاء تعرض به مختلف السلع والمبيعات وتعرف زلفانة تطورا كبيرا في حركة النقل يتلاءم مع طابعها السياحي.

 

توافد كبير للمرضى على حمامات زلفانة

تشهد مدينة زلفانة الحموية بولاية غرداية خلال هذه الأيام، توافدا ملحوظا لعدد معتبر من الأشخاص المصابين بالأمراض الجلدية والتهاب المفاصل أو “الروماتيزم” أغلبهم من المسنين، ورغم الحرارة المرتفعة السائدة بالمنطقة، فإن هؤلاء المرضى أبوا إلا أن يتوجهوا إلى زلفانة طلبا للعلاج والمداواة بمياهها المعدنية الساخنة التي تصل حرارتها إلى 45 درجة مئوية، ويخضع هؤلاء المرضى لفحص طبي قبل الدخول إلى الحمامات الجماعية، وقد يمنع الطبيب المختص عن بعض المرضى ذلك لعدم قدرتهم على تحمل الحرارة الشديدة، وبسبب إصابتهم بأمراض أخرى على غرار السكري وارتفاع ضغط الشرايين، وقد أكد بعض المرضى تحسن أحوالهم المرضية بعد التداوي بالمياه المعدنية لزلفانة، ومعروف أن هذه المياه تحتوي على عدة مركبات معدنية منها كلور الصوديوم المفيدة في علاج بعض الأمراض الجلدية كحكة الجلد.

وتشهد مدينة زلفانة الهادئة ذات الطابع السياحي والفلاحي، توافد أعداد كبيرة من الزائريين عليها من مختلف جهات الوطن وفي جميع فترات السنة، خاصة خلال العطل المدرسية، مما يجعل هياكل الاستقبال تقف عاجزة عن استيعاب كل الوافدين، ومع وجود ما لا يزيد عن ثمانية فنادق غير مصنفة فقط بالمدينة، فإن التوجه نحو الاستثمار السياحي بالمنطقة يتطلب بناء المزيد من الهياكل والمنشآت الفندقية، والسعي إلى تحسين الخدمات في إطار تشجيع السياحة الداخلية والحموية في الجزائر.

 

تأكيد على الثروات واستعداد كامل لاستقبال الزوار

ويؤكد القائمون على مدينة زلفانة على ثرواتها واستعدادها لاستقبال الزوار، وفي هذا السياق قال رئيس بلدية زلفانة السيد عمر غشي “بلدية زلفانة شهدت حركة عمرانية كثيفة بعد تفجير أول بئر سنة 1947، حيث استقر بها السكان الوافدون من المدن المجاورة مثل متليلي، غرداية، وورقلة، خاصة منهم الفلاحين والموالين، وذلك لممارسة أنشطتهم التي تأتي في مقدمتها غراسة النخيل، كما توفر زلفانة الراحة

والإستجمام والعلاج بمياهها، وهو أهم ما تقدمه حمامات زلفانة لزوارها، حيث أضحت منطقة زلفانة مدينة الحمامات المعدنية وقبلة سياحية يقصدها الزوار من كل حدب وصوب للاستجمام والراحة والتداوي بمياهها المعدنية وعلى غرار الاستجمام والعلاج والراحة. 

وبغية الخدمة الجيدة وتوفير الظروف المناسبة لراحة الزائر إلى هذه المدينة وحماماتها، بادر القائمون عليها بتوفير شبكة ممتازة من المرافق السياحية كالحمامات المعدنية “05 أحواض حمامات فردية”، والمسابح “06 مسابح جماعية”، وأماكن الراحة والاستجمام منها 09 نزل وهي عبارة عن استوديوهات للإيواء “بانغالو” وهي تستقبل سنويا 600 ألف سائح، كما نجد في زلفانة عدة معالم تاريخية تزيد من انجذاب السواح إليها، حيث نجد على سبيل المثال لا الحصر، كما أشار محدثنا عمر غشي، إلى مغارة الضباعي، ضريح الولي الصالح سيدي امحمد بورقبة، إضافة إلى ضريح الولي الصالح سيدي بوحفص بوغفالة.

 

 

 

 

 

البطاقات التركيبية لمياه زلفانة المعدنية

 

 

– طاقة الهيدروجين 6.5

– الحرارة 41.5 درجة مئوية

– بقايا جافة 18.10

– كالسيوم 163

– مغنيزيوم 61

– بوتاسيوم 22

– الصوديوم 518

– كلورور 497

– سلفات 518

– بكربونات 165

– نيترات 15

–  كلورور سوديك