من ربوع بلادي: إمبراطورية تحت الأنقاض”الطارف”… وجهة سياحية بمعايير مستقبلية عالمية

elmaouid

– أحلامها تسند واقعها لتبرز بأحلى حلة جزائرية شرقية

تلملم مدينة “الطارف” إمكاناتها الطبيعية، الحموية، الساحلية والتاريخية لتطل على الجزائر خاصة والعالم عامة، عروسا شرقية جزائرية ترتدي حلة المرجان الأصلية.

مدينة حدودية امتزج اخضرار طبيعتها مع شفافية مياه بحرها الفاتن الذي يمتد على شريط ساحلي يقدر بـ 90كلم. تتربع على مساحة 3339كلم2، وقدر عدد سكانها الإجمالي في جانفي 2017 بحوالي 499267 ساكن موزعين على سبع (07) دوائر وأربع وعشرين(24) بلدية. 

يغلب على هذه الولاية الطابع الجبلي، الغابات والبحيرات ما يؤهلها لأن تكون منطقة سياحية بامتياز.

تتمتع ولاية “الطارف ” الواقعة في الشمال الشرقي للجزائر، والتي تكون المعبر إلى الجارة “تونس” بـ 25 شاطئا، 15 منها مسموحة للسباحة، كذلك تسعة (09) منابع حموية ستة (06) تم إعداد وتهيئة دراسات هيدروجيولوجية لها، كما منحها سبحانه وتعالى الأرضية الخصبة والرطبة وأكثرها خصوبة تمركزت في سبع (07) مناطق مصنفة عالميا ضمن “اتفاقية رمسار”، وحباها الله عز وجل بالحظيرة الوطنية المتواجدة ببلدية “القالة ” والتي صنفت سنة 1990 من طرف منظمة “اليونيسكو “ضمن التراث الطبيعي والثقافي العالمي.

 

بقايا آثار ومعالم ضاربة في التاريخ

ما يزيد ولاية “الطارف “عظمة، ثراؤها بالمواقع الأثرية، التاريخية وبقايا آثار ومعالم ترجع إلى حقب تاريخية مختلفة، لتبقى الوجهة المفضلة لعديد العائلات الجزائرية خاصة من أهالي الولاية والولايات المجاورة رغم عجز مرافقها السياحية والترفيهية التي تمكن العائلات من قضاء عطلة مريحة في موسم الاصطياف، وأكثر ما يميز المنطقة الصناعة التقليدية التي تختص بتحويل مادتي المرجان والخلنج  أو البوحداد، حيث سجلت 7062 حرفي، مقسمين بين حرفيين في الصناعة التقليدية الفنية، إنتاج المواد وحرفيين في الخدمات.

 

عاصمة المرجان ” القالة “

تعد شواطئ “القالة ” من أهم وأبرز شواطئ الساحل الشرقي للجزائر وأكثرها استقطابا للسياح من مختلف ولايات الوطن وحتى خارجه. وعلى سبيل الذكر، أهم شواطئها “قمة روزا”، “الرمال الذهبية” ،”القالة القديمة”،”الشاطىء الكبير”،”لعوينات”،”المرجان”،”لمسيدا” تستوعب الزوار بأعداد كبيرة وصلت إلى ثلاثة ملايين زائر في الأسبوع ، بالإضافة إلى توفر الأمن من خلال دوريات الدرك الوطني وأعوان الحماية المدنية الذين يظلون ساهرين على راحة وسكينة المصطافين والسياح.

وما زاد من جمالية ورونق شواطئ بلدية” القالة ” تلك الرمال الذهبية البراقة وهضابها الخضراء بأشجارها الشامخة والمنخفضة وصخورها التي أبدع الخالق في تشكيلها، تعانق بحرها المتوهج الصافي الذي يخطف الأنظار بانعكاس لون السماء الأزرق، لتتشكل لوحة فنية أبدعتها يد ربانية، بالإضافة إلى الحظيرة التي ذاع صيتها قبل غيرها في المنطقة، وكان الرحالة “ابن بطوطة” أحد زوارها وهي محمية طبيعية تبلغ مساحتها 800 كم والتي تأسست 1993 كمحمية محيط حيوي من قبل منظمة “اليونسكو” في 1990 إذ تضم عديد البحيرات أهمها بحيرة “طونقا” التي تتميز بنظام بيئي مختلف عن باقي المناطق المتواجدة في حوض البحر الأبيض المتوسط، حيث تعد موطن أكثر من أربعين (40) نوعا من الثدييات وخمسة وعشرين (25) نوعا من الطيور الجارحة وأربعة وستين (64) من طيور المياه العذبة وتسع (09) أنواع من الطيور البحرية، كذلك الأيل البربري الذي يتواجد بكثرة في المحمية.

 كما تتواجد بالمنطقة بحيرات أخرى أمثال بحيرتي “أوبيرة” و “الملاح” وحديقة الحيوانات والألعاب التي وإن فقدت بعض حيواناتها وألعابها لا تزال موطنا للاستجمام والترفيه والاستمتاع بجو النزهة مع العائلة والأحباب، حيث عادة ما تكون الزيارات الآتية إلى الحديقة عبارة عن رحلات.

ويتحول ليل مدينة “القالة “إلى نهار في ليالي السهرات الفنية والترفيهية التي يستقبلها مسرح الهواء الطلق الذي يستوعب عددا كبيرا من المواطنين.

بالإضافة إلى مينائها الساحر الذي يدفع الزائر إلى ضرورة التنقل إليه والاستمتاع بمنظره الخلاب وإطلالته البهية.

 

التهيئة والاستثمار السياحي  بين الواقع وما هو متوقع

من أجل النهوض بقطاع السياحة على المستوى المحلي، ودفع عجلة التنمية بالولاية، تم إدراج التنمية السياحية ضمن أولويات البرامج والمخططات التنموية المحلية، وذلك بالتكفل بعمليات أساسية لترقية أنماط سياحية مختلفة وتطوير البنية التحتية للقطاع، حيث استفاد قطاع السياحة من غلاف مالي يفوق 400 مليون دج، لإنجاز 23عملية قطاعية في الخماسيين 2005-2009/2010-2014 وتمثلت هذه المشاريع التنموية في برامج التجهيز العمومي كان أهمها:

–           دراسة المخطط التوجيهي للتهيئة السياحية للولاية.

–           دراسة إنجاز وتجهيز دار الصناعة التقليدية.

–           دراسة لإنجاز وتجهيز مركزين للإعلام والتوجيه السياحي.

–           06 دراسات لتهيئة  15 شاطئا.

–           دراسة التهيئة للمحطة المناخية ببلديتي “بوقوس”و”الزيتونة”.

–           دراسة التهيئة وتحديد معالم دربين للسياحة البيئية بالقالة والزيتونة.

–           دراسات هيدروجيولوجية وتهيئة لستة (06) منابع حموية.

–           تهيئة وتجهيز شواطئ قمة روزا، القالة القديمة،الحنايا ولمسيدا.

–           دراسة التهيئة لمناطق التوسع السياحي.

ومنحت اللجنة الوزارية في إطار مشاريع الاستثمار السياحي الخاص، خمسة وأربعين (45) مشروعا، اثنان وعشرون (22) منها حصلت على عقد امتياز وثلاثة وعشرون (23) المتبقية عقد ملكية، ستة وعشرون(26) من مجملها في طور الإنجاز منها مشروع عصرنة وإعادة الاعتبار لفندق المرجان وسبعة (07) منها متوقفة وأحد عشر (11) لم تنطلق بعد وواحد منها فقط انتهت أشغال إنجازه .

 

البطاح… مشروع القرن لولاية “الطارف”

أما بالنسبة للمشاريع المبرمجة بموقع البطاح الذي تبلغ مساحته 73 هكتارا وهو مسير من طرف الوكالة الولائية للتسيير والتنظيم العقاري الحضري لولاية “الطارف”، فيتضمن تسعا وعشرين (29) قطعة أرض، تم بيع أغلبها سابقا لمستثمرين خواص وتعاضديات تابعة لمؤسسات عامة وبنوك، إلا أن المستثمرين لم يتمكنوا من تجسيد مشاريعهم، ولأسباب أيكولوجية تم تجميد هذه المشاريع.

وبعد تسوية وضعية الموقع ورفع التجميد عنه، في إطار السياسة الجديدة للولاية الهادفة للترويج السياحي البيئي، تم اعتماد عشرة (10) مشاريع جديدة في إطار عملية الامتياز، حيث أعتمد البناء الخفيف كشرط للحفاظ على الطابع الإيكولوجي للمنطقة مع إلزام المستثمرين باستخدام محطات إيكولوجية فردية لمعالجة المياه.

كما تحصل ستة عشر (16) مشروعا حتى الآن على رخص البناء، وهي في طور الإنجاز مع وجود تعديل في مخطط التجزئة من طرف الوكالة العقارية الذي تضمن توسيع مدخل الموقع وازدواجية الطريق الرئيسية.

 

 الانفتاح على السياحة الحموية في ولاية الطارف

 بعد انتهاء الدراسات الهيدروجيولوجية ودراسات التهيئة وتحديد الأرضيات القابلة لاستقبالها، شرعت السلطات الولائية في منح الأرضيات للمستثمرين الراغبين في الاستثمار بهذا النوع السياحي، حيث تم اعتماد سبعة (07) مشاريع حموية إلى حد الآن، يمكنها أن تسهم في تطوير السياحة الحموية بالولاية، وتتوزع ثلاثة(03) منها بحمام “سيدي طراد”ببلدية الزيتونة، وثلاثة (03) أخرى بحمام “سيدي جاب الله” ومشروعان بحمام “بني صالح”ببلدية حمام بني صالح، لتنتظر باقي الحمامات أمثال حمام “زايد”، حمام “زطوط”، حمام “ماكسنة”، حمام “بوريم”، حمام “كاف النسور “وحمام”غبن الشلة” التفاتة استثمارية وتنموية.

وعلى مستوى التجمعات العمرانية تم اعتماد عشرة (10) مشاريع حتى الآن توزعت على مدينة  “الطارف”، بلدية القالة، بلدية عين عسل وبلدية بحيرة الطيور، قدرت في مجملها بخمسة وأربعين (45) مشروعا،  اثنان وعشرون منها معتمدة من طرف اللجنة الوزارية وثلاثة وعشرون (23) في طور استكمال الإجراءات.

وفي إطار السياحة ونقص المرافق الترفيهية ومرافق الإيواء الذي تعاني منه ولاية “الطارف ” أوضحت مديرة السياحة بالتكليف لولاية “الطارف” السيدة “مشاينية نجلاء” لجريدة “الموعد اليومي” أن هناك صيغة اسمها صيغة الإيواء لدى الساكن، جاءت من أجل امتصاص النقص والصعوبات التي تواجه السائح عند بحثه عن إيواء ويكون ذلك بطريقة قانونية، حيث يتقدم  صاحب المسكن إلى البلدية ويودع تصريحا، وهذا الأمر من باب الحماية له وللمصطافين الذين يأتون عنده، إلا أنها لم تلق استجابة رغم أنه خمسين بالمائة 50 % من الوافدين يفضلون كراء المنازل لكن دون استعمال هذه الصيغة.

وفيما يخص تحديد الأسعار أكدت السيدة “مشاينية.ن” أنه ليس هناك تحديد للأسعار ولا مراقبة عليها خاصة وأنه لا يوجد قانون يحدد ويراقب الأسعار، موضحة أن كل ما يراقبونه هو اللوحات التفصيلية للفنادق وليس الأسعار، على أمل أنه سوف تتحسن الوضعية عندما تكتمل المشاريع حيث تنطلق المنافسة على الخدمات والأسعار.

كما أكدت السيدة المديرة على تجسيد الديناميكية رقم واحد لمخطط التوجيه لسنة 2030 لتدعيم وجهة الجزائر التي تظهر بوادرها على مدى السنوات القادمة، وهي تدعم السياحة الداخلية، وهناك حركية بهذا الخصوص وأهمها توقيع اتفاقية مع النقابة الوطنية للعمال الجزائريين حيث تمنح تخفيضات لتصل حتى 40٪ في الفنادق الجزائرية وبذلك يكون الدعم للسياحة الداخلية، مضيفة: نحن لا نستطيع أن نفرض على الوكالات السياحية كمديرية للسياحة، لكن نستطيع التوجيه للترويج، والمتحكم الأول والمباشر في الوكالات السياحية الوزارة وهي الأخرى على المستقبل القريب ستلغي تعاملات كل  وكالة سياحية لا تدعم السياحة الداخلية، مع العلم أنه توجد تسع(09) وكالات سياحية بولاية “الطارف “وبإذن الله لدينا مشاريع ستبرز على المدى القصير إلى المتوسط “.

من جهته أوضح رئيس مكتب الاستثمار السياحي السيد”شعلال يوسف” المعايير التي تتم من خلالها الموافقة على مشاريع الاستثمار، حيث هناك لجنة ولائية يرأسها السيد الوالي وهي المكلفة بمنح الأراضي للمستثمرين وقبلها هناك لجنة الدراسات الأولية وهي تمنح الموافقة على أساس الأهمية الاقتصادية والسياحية التي يقدمها المشروع للولاية، كذلك المعايير الجمالية والفنية والتي يجب توفرها في المشروع.  

وبخصوص التنسيق مع مديريات الثقافة والشباب والرياضة، أكدت السيدة المديرة على ضرورة التنسيق، مشيرة إلى المكتبة المتنقلة في الشواطئ التي كانت بمساهمة مديرية الثقافة التي أكد  مديرها السيد”عادل صافي” أن برنامج الولاية الثقافي ثري ومتنوع ويشمل جميع شرائح المجتمع، وبرمجت المكتبة المتنقلة والتي بحوزتها أكثر من (5000) خمسة آلاف كتاب في جميع المجالات والتخصصات بالإضافة إلى كتب وقصص مخصصة للأطفال، والمصطافون استحسنوا هذه الفكرة وكان الإقبال كبيرا من طرفهم رغم أنها هذه هي الطبعة الأولى في ولاية “الطارف” التي تجوب تسعة شواطئ وتدوم ثلاثة أيام في كل شاطئ، ويرافقها قافلة ترفيهية موجهة للكبار والصغار، كما توجد هناك مسابقات وعروض مسرحية  للكبار والصغار، ويشرف على هذه المكتبة مؤطرون من مديرية الثقافة بالإضافة إلى جمعيات ثقافية، والهدف من هذه البرنامج هو التشجيع على القراءة وتقريب الكتاب للمواطن في كل مكان وزمان. كما تمت برمجة80 حفلا موزعة عبر كل بلديات ولاية “الطارف” وشاركت فيه أهم الأسماء الفنية الوطنية والمحلية وأغلب السهرات وزعت على ساحة الاستقلال بولاية “الطارف ” كذلك مسرح الهواء الطلق بمدينة “القالة”، موازاة مع القافلة الفنية الموجهة للأطفال المتواجدة عبر بلديات السوارخ، لعيون، رمل السوق، بوحجار، حمام بني صالح، عين الكرمة والزيتون الحدودية والنائية التي تجوبها جمعيات من ولاية “الطارف “، إلا أنه دائما تعترضنا بعض الصعوبات وتكون في عملية التنسيق مع رؤساء الدوائر والبلديات وذلك يكون جراء عدم إرسال الرسائل في وقتها المناسب لأن الإرسال يكون تحت إشراف رؤساء الدوائر.

وعندما نتحدث عن الممتلكات الثقافية الثابتة المحمية فهناك (11) أحد عشر  محميات ثلاث منها مصنفة وطنيا ( كنيسة القالة، الحصن الفرنسي، قلعة الطاحونة) والباقي (دار الحاكم، كسير الدجاج، غار المعز، قصر فاطمة، زاوية الدندان، برج نام، كاب سقلاب، حكورة) مصنفة ولائيا حيث يختلف معمارها باختلاف الفترات التي يعود إليها الممتلك الثقافي.  

كذلك المخيمات التي تكون بالتنسيق مع مديرية الشباب والرياضة، وغرفة التنشيط، كذلك مديرية البيئة بمعنى، هناك تنسيق مع باقي القطاعات وتبقى النواة في السياحة هو المواطن، بثقافته، وإضافة إلى الحملات التحسيسية المكثفة إن شاء الله تكون هناك سياحة فعلية  وكما يجب أن تكون.