جسدت قصة الشاب القطري غانم المفتاح، الذي صنع ملحمة استثنائية في حفل افتتاح أول مونديال يقام على أرض عربية، نجاح أصحاب الهمم، وعزز من قيم التحدي وتجاوز الواقع مهما كان.
ويعد غانم المفتاح الذي صنع المجد في حفل افتتاح بطولة كأس العالم، من أشهر الشخصيات في قطر، والوصفة المثالية للنجاح والاجتهاد والمثابرة.
وخلال أحاديث سابقة للشاب صاحب الروح الخفيفة، يؤكد على ضرورة العمل بإخلاص لتحقيق الأفضل. ودوماً يتحدث بإيجابية وبروح وعزيمة، تعكس قوة إرادته ورغبته في بلوغ مراتب عليا.
ويعاني غانم المفتاح من الإصابة بمتلازمة التراجع الذيلي، وهو مرض نادر وعيب خلقي يحدث فيه غياب الجزء السفلي من الجسد مع تشوهات للفقرات القطنية، ويحتاج إلى كرسي متحرك.
تنسج من الصوف قصة نجاح تتخطى بها حواجز الإعاقة
تشعر هالة بالارتياح وهي تحيك من الصوف قطعا مميزة لأنها تنسجها بحب وشغف، فتخرج بأجمل الأشكال والألوان.
ورغم وضعها المادي الذي لا يسمح لها بشراء كميات من الصوف من دون أن يكون هناك ربح تستند عليه أو جهة تتبنى مشروعها؛ إلا أنها ما تزال تحاول الصمود أمام حرفة تميل لها، رغم كل المعيقات التي تواجهها، خاصة وأنها كما قالت: “لا أريد أن أكون عالة على أحد”، وهي تسعى لأن تؤكدها فعليا على أرض الواقع بعزيمتها القوية وتصميمها على محاربة الصورة النمطية.
فهالة ولأنها فتاة من ذوي الإعاقة الحركية تواجه صعوبات كبيرة تكاد تحرمها من أن تكون مستقلة ماديا ولها موقعها في الحياة العملية.
لم تكمل دراستها رغم حبها للعلم، فالظروف كلها كانت صعبة وعوائق كثيرة وقفت في طريقها أهمها الجانب المادي، حيث كانت الأمور تسير بشكل طبيعي وميسر لم يكن هناك ما يعيقها من الذهاب إلى المدرسة حتى وصولها إلى المتوسطة، لكون المدرسة كانت قريبة منها جدا، أما في المرحلة الثانوية فكانت مجبرة على قطع مسافة أطول، الأمر الذي زاد من أعباء أسرتها.
فالوضع المادي الصعب لأهلها، أشعرها بالذنب فهي ترفض أن تكون عبئا على أحد، وهنا كان خيارها الوحيد أن تتوقف عن الدراسة تماما متجاهلة كل الأصوات التي حاولت أن تثنيها عن هذا القرار المصيري.
لكنها أرادت أن تعتمد على نفسها وتكون شخصا منتجا في المجتمع، قادرا على النهوض مهما كانت العقبات، إيمانها بأن الحياة تتباين بين فرح وألم يجعلها تتطلع دائما بإيجابية لكل ما يحدث معها.
فالفتحة الموجودة في ظهرها منذ الولادة كانت وراء إصابة أطرافها السفلية بالشلل كما تقول، ففقدت القدرة على المشي لكنها لم تفقد الإرادة بل ظلت صابرة يسكنها الأمل.
فإحساسها الكبير بالمسؤولية دفعها لأن تبحث عن فرصة عمل تستطيع من خلالها أن تكون سندا لنفسها ولمن حولها، لكن الأمر لم يكن سهلا أبدا، فهي فتاة ذات إعاقة وليس بيدها شهادة تؤهلها لأن تثبت قدراتها.
بالخياطة حققت ذاتها وأثبتت قدرتها
“وريدة” شابة في الـ33 من العمر، معاقة حركيا غادرت مقاعد الدراسة مجبرة، لكن حلم التفوق والتغلب على إعاقتها والاعتماد على نفسها بعيدا عن إعالة العائلة لها، جعلها تستغل الحرفة التي تناقلتها نساء العائلة وهي الخياطة، تعلمتها عن والدتها وأخواتها قبل أن تلتحق بمركز للتكوين المهني قصد الحصول على شهادة تساعدها في اقتحام عالم الشغل مستقبلا، وهو الأمر الذي جعل زوجة شقيقها تشجعها على الاستفادة من تمويل أحد أجهزة دعم وتشغيل الشباب، حيث استفادت من تمويل وكالة تسيير القرض المصغر بولاية تيزي وزو، وفتحت ورشة خياطة بالمدينة الجديدة، لتضع اليوم بصمتها على الجبة القبائلية والزي التقليدي، الذي جعلت منه عنوانا لتحديها وفخرا تجاوزت به إعاقتها.
حالة أخرى لا تختلف كثيرا عن الأولى للشابة “وانش جميلة” البالغة من العمر 39 سنة، معاقة حركيا تمكنت بمساعدة ذات الوكالة من فتح ورشة خياطة وطرز تقليدي في حي المليون بمدينة تيزي وزو، أسهمت في خلق مناصب شغل للعشرات من الفتيات وتعليمهن هذه الحرفة، وصرحت لنا بأن الإعاقة في الحقيقة تكمن في الأذهان وليس في الأعضاء، لكل شخص جانب مضيء من حياته يمكنه استغلاله ليتغلب على ظروفه ووضعه..
حوّل إعاقته لحرفة
“ناصر”، حرفي وصائغ مجوهرات تقليدية، معاق حركيا هو الآخر لكنه يجعل كل متحدث إليه يقف أمام حجم الإعاقة التي يعيشها مجتمعنا، إذ تمكن رغم حالته من القيام بما عجز عنه الكثير من الأصحاء، يقول السيد “ناصر”، إنه اضطر إلى التضحية بمستقبله الدراسي لمساعدة والده على إعالة العائلة الكبيرة، إلا أن الأقدار شاءت أن يغادر الوالد عالم الأحياء في وقت مبكر، فوجد المعني نفسه المعيل الوحيد لإخوته، لم تسمح له الظروف المادية الصعبة بأن يفتتح ورشته الخاصة لكنه كان يمارس الحرفة في منزله، ليصبح اليوم أخا لمهندسين في مختلف المجالات ووالدا لأطفال يشهد لهم بالتفوق الدراسي، تمكن من ضمان التعليم العالي لإخوته جميعا، تزوج من ممرضة أنجبت منه ثلاثة أطفال أكبرهم في الجامعة.
ووظف ناصر أشقاءه الحاملين للشهادات العليا في ورشته، بعدما أغلقت في أوجههم أبواب عالم الشغل لشح الفرص المتاحة، عمل على تعليم عشرات الشباب حرفته التي حافظ عليها إلى يومنا هذا.
لمياء. ب