من خلال معرضه المقام بغاليري محمد راسم .. دليل ساسي يواصل مغامرته مع الإبداع

من خلال معرضه المقام بغاليري محمد راسم .. دليل ساسي يواصل مغامرته مع الإبداع

يواصل الفنان التشكيلي الجزائري دليل ساسي، مغامرته مع الإبداع بالجزائر، بعنوان _ما وراء المرئي_، الذي تجتمع فيه باقة من الأعمال التي تعيد صياغة الصور الفوتوغرافية عبر الفن الرقمي.

واختار ساسي (المولود سنة 1943) عددا من المواضيع التاريخية والفلسفية والبيئية لتكون محل اهتمامه، وهذا ما تجلى في عناوين بعض لوحاته، مثل _القصبة_، و_مصطفى باشا_، و_العزلة_. ويعتمد أسلوب ساسي الفني على إعادة نحت الصور الفوتوغرافية عن طريق الكمبيوتر لاستخراج تشكيلة من الألوان التي تمنح الصور حيوية وتضع المشاهد تحت أسر الألوان المتدرجة من أقصى درجات الوضوح إلى أشد درجات الضبابية. وتعد التجربة الفنية لساسي من أكثر التجارب تعبيرا عن المزاوجة بين استخدام التقنيات الحديثة (الكمبيوتر)، واختيار الصور بعناية، من أجل الوصول إلى أرقى جماليات العمل الفني.

وسبق لهذا الفنان أن نظم معارض مشابهة سنوات 2009 و2010 و2019، اعتمد فيها على تقنية الفن الرقمي، لكن الجديد في معرضه هذا هو تنوع المواضيع المطروحة، ومواصلة اشتغاله على سبر أغوار الضوء واللون والظلام لتحقيق أقصى درجات الانسجام التي يمكن أن يعبر عنها الجمع بين التقنيات الحديثة والعمل الفني.

ويؤكد الفنان في تصريح له أن هذه التجربة جاءت نتيجة عمل مستمر، بدأ باستعمال الألوان التي درج الفنانون على استعمالها في رسم أعمالهم، لينتهي إلى محاولة استخدام كيمياء مختلفة، توفرها الوسائل التقنية الحديثة، وهو أمر يصب في صالح تطوير الفنون التشكيلية، واستفادتها من العلوم والتقنيات للوصول إلى الإمتاع والإبهار الفني المنشودين.

وبإمكان زوار المعرض أن يعيشوا من خلال اللوحات سحر الطبيعة بفصولها الأربعة، والتي جسدها ساسي، عبر مختلف الألوان، حيث يشرح الفنان نظرته الفنية لجماليات الضوء وتدرجاته عبر صور فوتوغرافية حول الطبيعة والعمران معالجة رقميا، فكل لوحة تعبر في خيال الرسام عن رمزية سحرية على غرار _أضواء الصحراء_ و_انعكاسات_ و_الصيادون_ كلها أسماء تعبر عن البيئة الجزائرية المختلفة والتي مزجها ساسي، بألوانه المتنوعة ليترجمها لنا هذا الأخير، في مخيلته الداخلية ويعطي لنا بيئة واقعية تتكلم بلغة الفن التشكيلي.

وأخذت الأعمال الفنية الأخيرة للفنان خمس سنوات لإنجازها، لكي يصل إلى اكتشاف هذه الألوان التي لم يستطع الإنسان في الوقت الراهن أن يدركها على غرار ما تحت الحمراء وما فوق البنفسجية.

ولم يتوقف الفنان عند المزج بين فن التصوير والفن التشكيلي والإعلام الآلي في لوحاته، بل اكتشف ألوانا لا ترى بالعين المجردة؛ مثل الألوان ما تحت الحمراء وما فوق البنفسجية، وأضافها في أعماله المتميزة، التي يحاول من خلالها الإجابة عن التساؤل التالي _هل يمكن أن نصل إلى درجات عليا من الصفاء الروحي باستعمال التكنولوجيا_؟

لم يكتف ساسي بترجمة إبداعه عبر الفنون التشكيلية التقليدية، بل بحث بعمق، عن ألوان جديدة وتقنيات فريدة من نوعها. وفي هذا يقول _إنها ثورة صغيرة في الفنون التشكيلية، وهذا أمر مهم للغاية؛ فحتى الآن لا يكاد يوجد أي شخص في العالم يقوم بهذا العمل. وفي هذا السياق حاولت إعطاء صورة فنية أخرى للجزائر”.

وهكذا بغية الوصول إلى عالم يعلو فيه الصفاء ويسود فيه النقاء، تغلغل ساسي في تدرجات الضوء، واستقوى بالألوان غير المرئية، ليعدل بذلك صورا التقطها لمناظر وعمران راقت له، من خلال استخدامه التكنولوجيا، وبالضبط أداة الكمبيوتر للمعالجة الرقمية للصورة.

وفي هذا يقول _لتقديم مثل هذه اللوحات يجب إتقان التصوير وعلوم الكمبيوتر والفنون المرئية. كما توصلت إلى تحديد عدد الألوان الفريدة التي يتكون منها العمل، وعددها مذهل فعلا”.

ويضيف أنه أدخل الفيزياء في تجسيد أعماله، مشيرا إلى اكتشافه ألوانا لم يستطع الإنسان في الوقت الراهن أن يدركها، على غرار الألوان ما تحت الحمراء وما فوق البنفسجية.

ويتابع أن الألوان الموجودة في الضوء غير مرئية للعين المجردة، وأنه اكتشف سرها بفضل البرامج الاحترافية للكمبيوتر. وهكذا استطاع _رسام الضوء_ استخدام مئات الآلاف من الألوان الفريدة، ثم انتقاء ما شاء منها، ووضعها على اللوحة باستخدام طابعات فائقة التطور، وهو ما يعتبر مزاوجة ناجحة بين التكنولوجيا وعالم التشكيل التقليدي للوصول إلى أقصى درجات اللون وطاقاته الخفية.

ب/ص